من الواضح ان الجميع في لبنان، موالاة ومعارضة، يستعجلون اجراء الانتخابات في اسرع وقت ممكن. وسبب هذا الاستعجال المتبادل لا يتعلق بالمبادئ المعروفة، وهو احترام الدستور وعدم الوقوع في الفراغ السياسي والدستوري الذي نعيشه منذ التمديد لرئيس الجمهورية، بل يتعلق الأمر بهذه الأطراف، وعدم قدرتها على التماسك مدة اطول. وكلا الطرفين يحاول ان يستثمر ما يمتلكه من قوة في الانتخابات النيابية. وبقدر ما يبديه لقاء عين التينة من تماسك وقدره على الإمساك بزمام الأمور واستدراج المعارضة الى ملعبه واللعب بكرته، يحاول لقاء البريستول ايضاً امتصاص أي طرح او تحرك سياسي يطرح من جانب الموالاة عبر التعنت بمواقف جاذبة تجعل الشارع يتعاطف معها، مما اوصل البلاد الى حال من فقدان التوازنات في شكل عام، وتغيير في المعادلات وصولاً الى جمود تام في العمل والخطاب السياسي، في ظل غياب أي حلقة من حلقات الوصل التي لم تنقطع في اصعب الأيام ابان الحرب الأهلية. ومع إطلالة حكومة فن الممكن، كما يطلق عليها رئيسها نجيب ميقاتي، بدا واضحاً ان الجميع اعاد خلط الأوراق من جديد، وصوب الاتجاه نحو قانون الانتخاب، الذي بدأ يأخذ اشكالاً مختلفة من جانب الموالاة والمعارضة على حد سواء، ليبرز المصطلح الجديد القديم،"التسوية"، هذه الكلمة التي طالما كانت افضل الحلول بين اللبنانيين خصوصاً في حال الانقسام. لكن مبدأ التسوية اليوم لا يندرج فقط في خانة قانون الانتخاب، بل بشيء آخر اشبه بإعادة تموضع يؤسس لمرحلة ما بعد الانتخابات. أي ان نوعاً من انواع التقاطع بدأ يظهر من"ساحة الشهداء"مروراً بساحة رياض الصلح. ولعل ابرز الذين دخلوا معتنق هذا التحول المتعلق بإعادة التموضع رئيس"اللقاء الديموقراطي"وليد جنبلاط، وتيار الرئيس الحريري في شكل غير مباشر. وفي الجهة المقابلة يبرز"حزب الله"وحركة"امل". من هنا تبدأ ملامح التحالفات غير المعلنة على صعيد برنامج مشترك يعتمد في شكل كبير على مبدأ الثوابت المتفق عليها، وترك النقاط الخلافية في ما يخص الطرفين لتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية. وعلى أي حال سيبقى الجو السائد على الساحة اللبنانية بشكله، مقسوماً بين معارضة وموالاة. ولكن المضمون سيختلف بحيث نرى تكتلات معارضة وموالية تتوحد في ما بينها بلوائح انتخابية، وتنقسم حول البرنامج الموحد. لذلك اذا اجرينا مطالعة لكل من"عين التينة"كتجمع موال وبين"البريستول"كتجمع معارض، نجد ان في كلا الطرفين حلقة مفقودة، وهي حلقة الوصل التي تشكل العمود الفقري لأي تجمع يضم تيارات وأطيافاً سياسية مختلفة. عباس المعلم [email protected]