سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الموفد الدولي حذر من عزل لبنان إذا تأخر موعد الانتخابات وشجع على "مصالحة موقتة" . تقاطع جهود لارسن مع مساعي نصر الله تجاه سورية أطلق حوار جنبلاط مع بري وكرامي لتفادي المأزق
قالت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية من أجل تسريع اجراء الانتخابات النيابية في لبنان، إن الموفد الدولي تيري رود لارسن بذل جهداً بين الأفرقاء اللبنانيين من اجل تغليب الحوار والتواصل من اجل التوصل الى صيغة تسمح باجراء هذه الانتخابات في اقرب وقت. وذكرت المصادر ل"الحياة"ان لارسن تخوف من ان الوضع في لبنان بعد الانسحاب يبدو ذاهباً الى طريق مسدود بسبب التباعد بين الموالاة والمعارضة، وانه قد يبقى نتيجة لذلك من دون حكومة وانتخابات، مما دفعه الى التشجيع على نوع من"المصالحة الوطنية الموقتة"والدفع الى التوافق اللبناني ? اللبناني على الخروج من احتمال هذا المأزق. وتحدث لارسن الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري في هذا الخصوص والى رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط ثم الى رئيس الحكومة المكلف عمر كرامي وشجع كلاً منهم منفرداً على فتح حوار في شأن تسريع اجراء الانتخابات ووجد تجاوباً لدى كل منهم. كما تحدث مع افرقاء آخرين في المعارضة وبعض الوزراء عن هاجس وجوب التوصل الى توافق بين اللبنانيين تجنباً لاستمرار الفراغ السياسي. وعلمت"الحياة"من مصادر اخرى ان لارسن، حين تحدث الى جنبلاط عن أهمية الحوار والانفتاح على أركان الموالاة، كان الاخير في هذا المناخ اصلاً. فهو كان اتخذ قراراً بالتنسيق مع قادة حزبه، بالانفتاح على الرئيس بري منذ يوم الخميس الماضي. وأوفد النائب غازي العريضي للقاء الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله لاطلاعه على نيته التحرك في هذا الاتجاه فشجعه عليه. كما ان جنبلاط كان اتخذ قراراً بلقاء الرئيس كرامي منذ ان بدأ الوزير ألبير منصور اتصالات مع العريضي للانفتاح على جنبلاط ثم تقررت زيارة جنبلاط لرئيس الحكومة في العشاء الذي جمع منصور معه في المختارة. وكان جنبلاط بدأ التمهيد للحوار حين ادلى بتصريحات ايجابية إزاء بيان"لقاء عين التينة"للموالاة يوم الجمعة الماضي بسبب دعوة اللقاء الى تشكيل حكومة سريعة والتأكيد على اجراء الانتخابات النيابية. وهو أمر لعب دوراً مهماً فيه نصر الله بالتنسيق مع بري، بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها جنبلاط الى الأمين العام ل"حزب الله"يوم الاحد في 27 آذار مارس الماضي واتفقا على وجوب إحداث اختراق في الوضع السياسي المسدود الأفق، في اتجاه اجراء الانتخابات النيابية. وقالت المصادر المطلعة على دور لارسن انه"لهذه الاسباب أبدى جنبلاط تجاوباً سريعاً مع لارسن"حين حدثه عن ضرورة الانفتاح على الموالاة، وأخذ المبادرة بعد ان سمع من لارسن استعداد بري وكرامي، ثم أُجريت اتصالات مع أركان آخرين في المعارضة لوضعهم في اجواء ضرورة إحداث اختراق في الجمود السياسي. وأوضحت المصادر المطلعة ل"الحياة"ان لارسن اكد للأفرقاء المعنيين ان أمر الانتخابات والتوافق عليها، محلي وداخلي وانه لا يريد الدخول في المضمون والتفاصيل، بل المهم هو اتفاق اللبنانيين على حكومة معقولة وقانون انتخاب معقول وان تكون الانتخابات في توقيت قريب وان تتم بحرية ونزاهة. وكان الاهم بالنسبة اليه التحدث في هذا الشأن مع مفاتيح الوضع السياسي. وحين حصلت الاجتماعات لم يطلع على المضمون والتفاصيل بل اكتفى بتسجيل نجاح جهوده في هذا الاطار واكتفى بالتشجيع على مواصلة الحوار الذي بدأ، في اتجاه مصالحة تساهم في الاستقرار. وبحسب المصادر نفسها فإن لارسن يعتقد ان ثمة اختراقاً مهماً حصل هو مغادرة القوات السورية واستخباراتها لبنان فعلياً، وان على الاطراف اللبنانيين ان يقدروا مدى اهميته. فانسحاب الاستخبارات من لبنان، في أسوأ الاحوال لن يسمح لها بأن تعود وتعمل في لبنان بالطريقة نفسها. وأشارت المصادر الى ان لارسن تطرق في جولته على الاطراف كلها الى مسألتين ملحتين وأساسيتين هما الانتخابات وحلقة العنف التي يشهدها الوضع اللبناني بفعل التفجيرات في عدد من المناطق. وهذان الموضوعان يحملان عوامل خطرة قد تؤدي الى اللااستقرار والتدهور. فالتفجيرات تؤدي الى حراسات من البعض، وهناك خوف من ان تتحول هذه الحمايات الى ميليشيات بسهولة. وفي اعتقاد المصادر ان لارسن يرى بالنسبة الى موضوع الانتخابات انها اذا لم تحصل فلن يكون هناك برلمان بحيث يمكن للمعارضة ان تطرح القضايا مما يعني انها ستطرح المسائل السياسية في الشارع. وهذان الموضوعان الانتخابات والتفجيرات عاملان خطيران في تقويض الاستقرار. ولذلك فإن لارسن يرى ان القضية المفتاح الآن هي تشكيل الحكومة، وصوغ قانون للانتخاب يعتبره الجميع معقولاً، حتى لو تعرض الجميع الى خسائر صغيرة. فاذا توصلت الاكثرية في البرلمان الى قانون غير مقبول من قبل المعارضة فإن هذا سيقود الى اللااستقرار والمجتمع الدولي عندها سيعزل لبنان وهذا سيوجد وضعاً حرجاً وخطيراً. وكشفت المصادر المطلعة على تحرك لارسن انه أبلغ من يعنيهم الامر ان الانتخابات يفترض ان تتم قريباً لأنه اذا مددت المهلة، فالأمور ستنتقل الى الشارع مجدداً. ولذلك يجب ايجاد توقيت قريب للانتخابات وتُجرى بحرية ونزاهة وبوجود مراقبين دوليين. وأكدت المصادر ان هواجس لارسن هذه هي التي دفعته الى التشديد على الحوار مع لقاءاته مع الموالين والمعارضين، مشدداً على"مسؤوليتكم عن وجوب حصول اتفاق بين العقلاء"حول أربع قضايا ملحة هي: الحكومة، قانون الانتخاب، موعدها، وأخيراً اجراؤها. وهو حرص على الغاء بعض نشاطاته ومنها تفقد بعض المناطق التي انسحب منها الجيش السوري، للتركيز على اجتماعاته مع قادة الموالاة والمعارضة، لابلاغهم بتصوره وجوب التوصل الى التوافق. وسيبقى لارسن على اتصال هاتفي لمتابعة مدى التوافق حول هذه النقاط، بعد مغادرته ليل أول من أمس بيروت، لاهتمامه بمصالحة وطنية تقود الى الانتخابات، يجرى بعدها تشكيل حكومة اتحاد وطني تواصل هذه المصالحة. وأكدت المصادر ان لارسن لم يخض نقاشات تفصيلية حول مدة تأجيل الانتخابات اذا كان لا بد من تأجيل او اذا اتفق الاطراف على تأجيل كهذا لأن هذه مسألة داخلية. وأضافت:"كان لارسن واضحاً في الدعوة الى ان تكون قريبة لأن كلما كانت قريبة كلما تم ضمان الاستقرار وكلما تأخرت كلما ازدادت احتمالات اللااستقرار". وعلمت"الحياة"ان لارسن وضع الجانب السوري في اجواء الاتصالات التي اجراها في هذا الصدد وبعث برسالة الى دمشق حول نتائج جهوده بين المعارضة والموالاة، مشدداً على أمله بأن تدعم القيادة السورية هذه التوجهات. وقالت مصادر اخرى قريبة من جنبلاط ان السيد حسن نصر الله كان بدوره وضع القيادة السورية في اجواء لقائه مع جنبلاط وتوجه"لقاء عين التينة"لملاقاة المعارضة على مبدأ تسريع اجراء الانتخابات استناداً الى تأكيد جنبلاط على تطبيق اتفاق الطائف واعتبار سلاح المقاومة مسألة لبنانية داخلية، وعلى ان أي برلمان لبناني جديد لن يكون معادياً لسورية. وقالت المصادر نفسها ان القيادة السورية أبدت اهتماماً بنيات جنبلاط ورصدت تصريحاته الاخيرة وأبدت ارتياحها لاتصالاته مع نصر الله. وانتهت المصادر الى القول ان تقاطع تحرك لارسن، ونصر الله، من دون تنسيق بينهما مع جنبلاط وسائر أركان الموالاة أنتج المبادرات السياسية الاخيرة للزعيم المعارض. وكان لارسن قبل مغادرته لبنان امس اجتمع ثانية الى بري للاطمئنان الى ان الحوار انطلق بعد لقاء الاخير مع جنبلاط. كما التقى الرئيس اميل لحود لوضعه في اجواء الجهود التي يقوم بها كي تؤخذ في الاعتبار عند تأليف الحكومة والخطوات الآيلة الى صوغ قانون الانتخاب. ونصح لحود بحكومة مقبولة من المعارضة لئلا تعود الامور الى الوراء، ما دام الأمر سيبحث بين الرؤساء الثلاثة اثناء سفرهم الى الفاتيكان.