نجمة جديدة مختلفة... هكذا هي كلاريسا، الطفلة ذات السنوات الثلاث، مغنية وممثلة وبطلة فيديو كليب. تقول في أغنيتها: "أنا بنت صغيرة/ أنا من بيروت/ بصرخ ما بدي الحقيقة تموت/ مين قتلك مين؟ وينوي الضمير؟ يا حلم لبنان يا مجد الاستقلال"... كلمات الأغنية مكتوبة لكلاريسا وكل شيء بني على ثقة بأن النتيجة ستكون مفاجأة وحدثاً فنياً. إلا أن المضمون، وعلى رغم تعمّد البساطة والاختصار، أوقع الأغنية في الكليشيهات، وحمّل لسان الطفلة كلمات ثقيلة ككلمة "ضمير" مثلاً. وإن كان جيل كلاريسا يملك من الفضول والنباهة ما يدفعه إلى الاستفسار عن معنى مثل هذه الكلمة، فإن الكبار لن يجيدوا الشرح مهما حاولوا. أما كلاريسا فحرّكت يدها باحثة عن الضمير في مثل ما حرّكتها باحثة عن القاتل، وهي في تعابير جسدها وصوتها، لم تبد مدركة لما تقوله حرفياً بل لما هو وراءه، لما لمسته بفطرتها الطفولية العالية الحساسية. هذا ما تبدّى حين حيّت صورة الشهيد الحريري فوق ضريحه، وابتسمت له ملوّحة بيدها تلاعبه وكأنها ترى فيه جدّها الذي لا تملك طفلة بعمرها إلا أن تبتسم له حين تراه. لم يطلب المخرج، سعيد الماروق، من بطلته كلاريسا أن تبكي وتنتحب على رغم أنها تبدي استعداداً فطرياً لأداء هذه الأدوار. إلا أن المخرج لم يقع في هذا المطبّ وترك الطفلة على سجيّتها، لم يحاول أن يزودها بتعليمات المثول أمام الكاميرا، بل جعل عدسته تتعلّم من ردود أفعال كلاريسا وحضورها وانفعالاتها. لم يجبرها، على الأرجح، إلا على ارتداء ملابس صيفية في ليل شباط فبراير أو آذار مارس البارد! هل لأن هذه الملابس تظهرها أظرف؟. لكن المشهد الأخير يظهر كيف تتحمّل الصغيرة الصقيع وتضبط اصطكاك أسنانها، رافعة رأسها إلى السماء، متمنية أن تهبط منها كنزة شتوية !؟. يتحدّث الجمهور اللبناني عن كلاريسا ويبدي محبة لها، بل ويردّد أغنيتها. نجحت "النجمة الصغيرة" في أن تكون لفتةً فنية من دون أن تتعدّاها إلى الحدث. إلا أنها قد تصير حدثاً إذا لم تلق معاملة فتاة سابقة انتهت إلى الفشل، آخرها كان فريق أغنية "بابا فين" الذي أسيء استغلاله، وتمّت المغالاة في إخراج أطفاله من طور طفولتهم إلى دور البالغين الذي سُوّق في المقابلات الإعلامية. كانت مساحة نجاحهم محدودة، وهذا ما لم يفهمه مديروهم ورعاتهم، نجحوا في دور الشقاوة ومناكدة الكبار كما في أغنية "بابا فين" أما الإطلالات السينمائية فقد بسطت أمامهم مساحات ضاعوا فيها. وقفت كلاريسا في البرد بملابس صيفية رقيقة تظهر معظم جسمها الطري وإن سأَلَت الآخرين "لمَ عليّ أن أتحمّل هذا؟" لن تقتنع بإجاباتهم المعلّبة: "لأجل الوطن، الحلم، الشهيد، لبنان". لا تحلم كلاريسا بالنجومية فهي لا تفهمها ولا تعرفها، تحلم بالذهاب إلى المدرسة وبقطعة حلوى ودمية، وهذا ما ستناله فقط الآن.