في أغنية "آلو... بابا فين" التي تعرضها الفضائيات العربية بشراهة، يتصل "عمو" يدير قرص التلفون بأسلوب ايقاعي راقص، يريد أن يكلّم "بابا" فيلقي به الحظ بين مجموعة من أطفال "الإنترنت" كما درجت التسمية. وتنطلق الأغنية: آلو... بابا فين / أحد الأطفال: بابا هنا... هنا أهو / أقول له مين بيكلمو / الرجل: قول له عمو / الطفل: عمو مين... / أقول له مين بيكلمو / عمو عمو عمو / شفت حصل لي إيه / عمو عمو عمو / شفت جرى لي إيه... الأطفال يجيبون الرجل، كل بدوره متعمدين إطالة الاتصال عبر الحديث عن أمورهم الشخصية، في وقت ترقص طفلة بثوبها الأحمر، والبعض يرفع قبضته مسروراً والسماعة الكبيرة تنتقل من يد الى يد، الطفل الأول يخبر الرجل المتصل عن "مبراته" التي كانت معه وأعطاها لصاحبه الذي أضاعها. ثم يأتي دور توته، في الرد على المتصل "بعمو" فتخبره عن "حلاوتها وطعامتها" وعن حبها للشوكولا والبطاطا، اما الطفل الثالث فيذهب الى اللعب مع المتصل، يمازحه بتضييع وقته يطرح عليه فزورة أي حزورة، فيظهر "عمو" في حال هستيرية، يلف شريط التلفون حول عنقه وينتف شعره، ينزل تحت طاولة مكتبه، وبدل أن يسأل بابا فين؟ ينزلق الى ان يسأل بابا مين؟ هكذا يظل الاطفال يتحدثون الى الرجل حديثاً راقصاً، ونكتشف في النهاية ان "بابا" ليس موجود، بل ان الرقم الذي طلبه "عمو" غير موجوداً في الخدمة. أغنية "الو... بابا فين" وهي من ألبوم المنوعات "فري بيبي" لمجموعة من الأطفال، على المستوى اللحني مزيج بين الايقاعات الراقصة التي يحرص عليها منتجو موجات الأغاني الجديدة وموزعوها، لكن اللافت في الأغنية هو انها حوارية بين الصغار والكبار، فالاطفال ينظرون الى انفسهم في مشهد الغناء، والأباء والامهات يستعيدون ذاكرة طفولتهم من جديد، وهذا من الأمور التي ساهمت في انتشار الأغنية التي حطمت مبيعاتها الأرقام، وتفوقت على مبيعات العديد من كبار المطربين، امثال جورج وسوف وكاظم الساهر ونجوى كرم وعاصي الحلاني. والأغنية على رغم انها ركامية فارغة المعاني، لكن فيها اللمسات الكوميدية المتكئة على "الشيطنة" الطفولية، تنقذنا لدقائق من رتابة اغنيات "النجوم" الغارقة في كلمات الفراق والعذاب واللوعة والهجر. وبالتالي تشكل الأغنية ظاهرة من الظواهر الغنائية الكثيرة في مصر التي يصنفها النقاد ب"الركيكة"، من رموزها شعبان عبدالرحيم الذي يتعامل مع المآسي بالنكتة فلا يتردد في الغناء عن 11 ايلول سبتمبر: "طيارة ماشية بتدلع/ دخلت في البرج قام وقالع". منتهى القول ان نجاح اغنية "الو.. بابا فين" من علامات الهشاشة التي تصيب احوال الطرب الأصيل. نقول هذا، ولا نوجه الى اطفال الاغنية غير الثناء.