بدت قضية اهالي المعتقلين في السجون السورية امس، على هامش حدثين على علاقة وثيقة بتطورات قضيتهم: منح الثقة للحكومة الجديدة وفق بيان وزاري لم يأت على ذكر المعتقلين، واستكمال الانسحاب السوري من لبنان. فدفعوا بأنفسهم الى قلب احد الحدثين، وسقط منهم سبعة جرحى على الاقل، لقاء اصرارهم على ترجمة مطالبهم الى خطوات تكشف مصير ابنائهم، وهم كما هتفوا على بعد عشرات الامتار من المجلس النيابي"بدنا بدنا المعتقلين، احياء كانوا أم ميتين". عشرات من الامهات غادرن صباحاً"خيمة الحرية"المنصوبة امام بيت الاممالمتحدة الى ساحة رياض الصلح، من اجل التوجه الى مقر البرلمان لتسليم المجلس النيابي المعقود مذكرة تطالب الدولة اللبنانية بالاعتراف بملف المعتقلين في السجون السورية. كانت شرطة المجلس استبقت عقد الجلسة النيابية بجملة تدابير لعزل محيطه عن أي"اختراقات"امنية، لكنها سمحت لوفد مصغر من الاهالي برفقة النائب غسان مخيبر بالتقدم لتسليم مذكرتهم، في حين بقي العشرات في الساحة وانضم اليهم شبان من ساحة الشهداء وتحديداً من"القوات اللبنانية"وعلى رأسهم نديم بشير الجميل، وحاول هؤلاء الدفع لتخطي الطوق الامني وحصلت مواجهات مع عناصر امن المجلس والجيش اللبناني، ما ادى الى سقوط عدد من الجرحى ونقل اربعة منهم الى مستشفى حداد في الجميزة وهم: هادي سامي سعيدمواليد 1983 ومحمد احمد وهبي 1982 وعبدو خليل خليفة 1983، وفادي جون القاعي 1983. وطالبت لجنة الأهالي في المذكرة التي سلمتها رئيستها صونيا عيد الى الامانة العامة للمجلس النواب ب"الضغط على الحكومة الجديدة لادراج ملف المعتقلين في بيانها الوزاري"، والحكومة ب"تحمل مسؤولياتها كاملة تجاه شعبها وحل هذه القضية الملحة". وأكدت"ان هناك لبنانيين في السجون السورية ومن لا يعرف هذا الواقع هو جاهل ومن يخفي الجرم ويغطي مرتكبه هو شريك كامل في الجريمة، فتحركوا الآن قبل فوات الاوان". لكن التوتر في ساحة رياض الصلح كان الى تصاعد مع بدء وصول النواب الى المكان للتوجه منه الى ساحة النجمة حيث البرلمان وراح الاهالي يعترضون السيارات لمطالبة راكبيها بتحريك مطالبهم. ولم تنجُ بعض سيارات من قبضات الشبان لا سيما سيارة النائب محمد بيضون ثم سيارة النائب عدنان عرقجي الذي تهجّم على بعض المعتصمين، وتعرض بعض الاهالي الى سيارة ثانية عابرة المكان تحمل اللوحة الزرقاء، وحصل هرج ومرج واطلق احد مرافقي النواب النار من مسدسه في الهواء ثم هوى بعقب مسدسه على احد الشبان ما ادى الى جرحه في رأسه واغمائه كما ضرب شاباً آخر، واصيب بنتيجة الحادث جورج بدرا في رأسه اصابة بليغة. ونقل الى مستشفى الروم الجريحان فؤاد حجازي29عاماً وميشال عون 23عاماً. وتسبب ما حصل باغماءات بين صفوف الامهات واصابة جورجيت قزح بقدمها نتيجة استخدام العوائق الحديد في تفريق الاهالي. وفور وصول عرقجي الى المجلس التقى وزير الداخلية حسن السبع ورفع صوته عالياً احتجاجاً على ما حصل معه، وطالب باستقالته ووزير الدفاع الياس المر"احتجاجاً على تعرض النواب اليوم للضرب، واذا كان الجيش والقوى الامنية لا تستطيع ان تحمي المواطنين والنواب فليذهبوا الى بيوتهم افضل". واتهم الاهالي بأنهم"كسروا سيارتي". ورد الاهالي على ما حدث بهتافات" بالروح بالدم نفديك يا سجين"، و"ما بدنا لبنانيه في السجون السورية"، ولوحوا برايات ملطخة بدماء الجرحى. وكانت امهات المفقودين في السجون الاسرائيلية انضممن الى اهالي المعتقلين في سورية في اعتصامهن بدعوة من لجنة المتابعة لدعم قضية المعتقلين في السجون الاسرائيلية ومركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب، وكن الى جانبهن خلال المواجهات التي حصلت مع القوى الامنية، وسقط منهم جرحى. ووزعت لجنة المتابعة لائحة غير مكتملة بأسماء مفقودين في السجون الاسرائيلية، وذكرت بجثث عشرات الشهداء التي ما زالت اسرائيل تحتجزهم في مقابر سرية في فلسطينالمحتلة ومنهم: يحيى الخالد، اياد قصير، حسين ضاهر، الياس حرب، فرج الله فوعاني. وقالت عيد ل"الحياة"ان منذ اثارة موضوع المعتقلين في السجون السورية في وسائل الاعلام المرئي ارتفع عدد الملفات لهؤلاء المعتقلين من 350 معتقلاً ومفقوداً الى 500 معتقل. ووضعت النيابة العامة الاستئنافية في بيروت يدها على حادث ساحة رياض الصلح، وطلب النائب العام الاستئنافي القاضي جوزيف معماري من الاجهزة الامنية المختصة، فتح تحقيق في الحادث لمعرفة ما حصل بين عدد من المتظاهرين من الاهالي وبين النائب عرقجي ومرافقه، على ان يتم الاستماع الى افادة الجرحى لمعرفة حقيقة ما حصل، ليصار الى اتخاذ قرار. وفي المجلس النيابي اثار النائب مخيبر ما حصل في محيط المجلس وتمنى على الرئاسة اعطاء التعليمات لحسن معاملة المعتصمين، وذكر ان مرافق النائب عرقجي هو من اطلق النار. لكن رئيس المجلس نبيه بري نفى الامر وقال ان هناك قراراً بمنع المتظاهرين من الدخول الى ساحة النجمة، مذكراً بما تعرض له النائب عاطف مجدلاني"يوماً ما"، وأكد ان مطالبهم"تصل الينا ونعرضها عليكم". وتدخلت النائب نايلة معوض بالقول:"ان هذا لا يبرر العنف ضد المتظاهرين"، ونفى بري حصول ذلك، لكن مخيبر اكده، وحسم الجدل النائبة بطرس حرب الذي دعا الى التعامل مع الموضوع"بالشكل الانساني والقانوني والوطني". ولاحقاً، اصدرت"حركة دعم المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية"سوليد بياناً اشارت فيه الى ان"النائبين غنوة جلول وناصر قنديل عندما مرا من امام الاهالي استوقفهما المعتصمون وشرحوا لهما قضيتهم وتفهما الامر، لكن النائب عرقجي رفض التوقف واستهزأ باحدى المعتصمات الامر الذي اغاظها وجعلها تضرب السيارة بالعلم، ولحقه عدد من المعتصمين، وهنا ترجل مرافقه وأطلق رصاصتين في الهواء وضرب احد الشباب بعقب مسدسه وفر بالسيارة هارباً فيما كان الشاب يتخبط بدمائه على الارض".