الكتاب: القرآن من اللغة والواقع الكاتب: سامر اسلامبولي الناشر: دار الأوائل - دمشق - 2005 علت أصوات كثيرة في السنوات الأخيرة تدعو الى دراسة واقعية ومنطقية ولغوية جديدة لنصوص القرآن الكريم، الذي نزل الى الناس بالحق، فاستلزم ذلك أن يصح لكل زمان ومكان، لقد جاء هذا البحث الذي نعرض له لكي ينشر وعياً جديداً وثقافة ايمانية معتمداً على الماضي لكن بما يناسب الحاضر والمستقبل. يؤكد الكاتب أن نشأة اللغة كانت مع بدء وعي الانسان وانقداح فكره في ما حوله، وكان ذلك نتيجة تفاعله مع الواقع، وانفعالاته النفسية، ولذلك فاللغة ظاهرة اجتماعية واعية، تكونت من خلال تراكم معرفي مرتبط بتفاعل هذا المجتمع وانفعاله بالزمان، وهناك علاقة جدلية بين وصول اللغة الى مرحلة النضج والتكامل البنيوي. والنضج الفعلي للانسان ونزول النصح القرآني وجعله نصاً خاتماً. ومن هذا الوجه، كانت اللغة العربية لغة الانسانية ولغة علم في الوقت ذاته، وبالتالي فهي لغة الحضارة، تفرض نفسها بكمالها وصلاحها، وبثبات نظامها الداخلي وصفة النمو والحركة لجسمها المرتبط مع ثبات النظام الكوني ونموه وحركته. وفرق الكاتب بين اللغة واللسان، حيث ان الأولى هي نظام لتركيب الكلمات واستخدامها على نمط معين، في حين تكمن أهمية دور اللسان بكونه أداة تستخدم للنطق باللغة، فإذا لم يكن هناك لغة تعطلت وظيفة اللسان، واذا انعدم اللسان تعطلت اللغة، والبلاغة في اللغة كنص وقول، والفصاحة في اللسان كنطق. وبهذا المعنى، فإن النص القرآني نزل عربي اللغة كدلالات، وهو واقعي لارتباطه بواقع الحياة، وكل لفظة فيه تدل على معنى مختلف عن لفظة أخرى ولكنها ليست منقطعة عن بعضها بعضاً، بل مترادفة في النهاية، في شكل أو في آخر، لتشكل بعضها النص القرآني المتلاحم، الذي يعكس الواقع المرادف بأجزائه لتحقيق التلاحم والتناغم الكوني. ويشير الكاتب الى اللغة بكونها مجموعة دلالات يستخدمها الانسان لتخزين المعلومات في ذاكرته، ولتطوير عملية التفكير، لأن الانسان يفكر ضمن لغة، تكون هي الوعاء الذي يحتوي على العلوم والمعارف، فاللغة ظهرت مع بدء الوعي عند الانسان، كونه كائناً اجتماعياً، وتطورت مع تطوره في شكل طردي، فكلما اتسعت معارفه ومداركه اتسعت لغته، لتستوعب هذا التطور، وأصبحت اللغة هي الوسيط الذي يعتمد عليه الانسان في عملية التواصل مع بني جنسه، والحافظة للعلم والمعارف، لنقلها الى الأجيال اللاحقة. ويصل الكاتب بعد سرد مسهب للغة بصفتها مجموعة دلالات، الى ان النص القرآني، جاء بدلالات لها مدلولات عينية في الوجود الموضوعي، نحو كلمة شمس وقمر وانسان، وتراب وطين، وجاء بدلالات لها مدلولات فعلية غير محدودة الشكل لخضوعها لعامل الزمن، نحو: الجهاد والقتال، فضلاً عن ذلك جاء النص القرآني بدلالات لها مدلولات صورية محددة لانتفاء عامل الزمان من التأثير عليها مثل: كلمة الصلاة، الصوم، الحج، والنص القرآني لذلك ثابت لا شك في ذلك، حيث نزل للناس جميعاً وليس للعرب فقط. * باحث في مكتب الاحصاء الفلسطيني - دمشق.