روزا مونتيرو الصحافية والكاتبة - المولودة في مدريد عام 1951 - اسم بارز في بانوراما الأدب في اسبانيا. وقد فرضت وجودها في الحياة الثقافية الاسبانية منذ عام 1977، وصارت محررة في جريدة"الباييس"أوسع الصحف انتشاراً في شبه الجزيرة الأيبيرية، ونالت بالتالي جائزة"مانويل ديل اركو"لأفضل المقابلات الصحافية، - منحت للمرة الأولى لامرأة - والجائزة الوطنية للصحافة، وجائزة الصحافة. أما جائزة الربيع التي نالتها عام 1977، فكانت عن روايتها:"ابنة آكل البشر"، التي أصدرت بعدها"رعشة"،"جميلة وغامضة"،"الحياة العارية"ومجموعة قصص للأطفال:"عش الأحلام"و"كتب بربرة". وقّعت روزا مونتيرو سنة 1979 روايتها الثانية"حكاية الكراهية"التي نالت شهرة واسعة، وتناولت في أثر جديد"سأعاملك كملكة"، موضوع الوحدة واللاتواصل، هما شعوران يدمغان بقوة الوجود الانساني في الحياة المعاصرة، وذلك على امتداد الخريطة. مع صدور روايتها الثالثة"سأعاملك كملكة"قفز اسم الكاتبة الى لائحة أفضل مبيع، وجنباً الى جنب مع اسم خوزيه كاميلو ثيلا الذي نال شهرة واسعة في منتصف التسعينات. تبدأ حكاية روزا مونتيرو مع الكتاب منذ الطفولة: أصيبت ابنة نخاس الثيران في حلبة المصارعة، وهي ما زالت في الخامسة من عمرها بمرض السل، ومكثت أربع سنوات في الفراش، قضتها في قراءة الكتب متعايشة مع وحدتها. لم يمنع المرض الطفلة من متابعة دراستها، وصارت روزا مونتيرو في السابعة عشرة من عمرها، طالبة جامعية في كلية الفلسفة والآداب، والتحقت بعد سنة أيضاً ب"مدرسة الصحافة"، وأخذت تعمل في صحف ومجلات، قبل أن تنضم الى"الباييس"وتنصرف الى الكتابة الصحافية والتأليف الروائي، وتصبح من أهم أديبات اسبانيا. منذ عشرين عاماً تعتبر روزا مونتيرو من الوجوه البارزة في البانوراما الأدبية الاسبانية، واسماً يجذب القارئ، فتمتد يده الى مؤلفاتها، بمجرد ان يظهر كتاب يحمل توقيعها، ويتصدر واجهات المكتبات الاسبانية، ويدرج بالتالي على لائحة أفضل مبيع، التي تنشرها الملحقات الثقافية في الجرائد، والمجلات الشهرية التي تهتم بمواضيع الأدب. وهذا ينطبق أيضاً على"مجنونة البيت"، الكتاب اللافت العنوان، والأخير الذي وقعته الأديبة، والصادر حديثاً في مدريد، والذي جددت روزا مونتيرو من خلال صفحاته مواضيعها وطريقتها في الكتابة، وقدمت للقارئ مؤلفاً مبتكراً، تعرض فيه أحداثاً من حياتها، وخلاصة تجربتها في الكتابة، كما تتجرأ على فضح مواقف مؤسفة أو مشينة لبعض كبار أدباء تزلفوا الى السلطة. استعارت روزا مونتيرو عنوانها"مجنونة البيت"من القديسة سانتا تيريزا، التي كانت تسمي المخيلة مجنونة البيت: كان التخطيط الأولي للكتاب يرتبط بتعليقات عن مهنة الكتابة، وتحول مع الوقت الى خليط نادر من موضوعات مختلفة، استطاعت روزا مونتيرو ان تنسج ببراعة اللحمة بينها: وقعت تأملات في الأدب، ذكرت شيئاً عن تصورها لدور المخيلة في الأثر الأدبي والفني، وقارنت بين عشق الكتابة والعشق الغرامي، وتحدثت عن نقطة"الجنون"التي تحتوي على القصة الخيالية، وأوضحت ان الحياة المتخيلة هي واقعية مثل الحياة المعاشة، وأغنى منها في أحيان كثيرة. وتعتبر الأديبة مثل سانتا تيريزا ان الكاتب"وسيط روحي"سلاحه الكلمة في الوجود الانساني، ولذلك يجب أن يكون فعل الكتابة نقياً وحراً، غير خاضع أو غير مرتبط بنفوذ سياسي أو اقتصادي: ان الموهبة السماوية التي خص بها الله بعض عباده، مسؤولية عظيمة، لذلك يجب على الكاتب ان يحميها من الضعف الانساني، ويصمد أمام مغريات السلطة، حتى"لا يضيع روحه". من هذا المنطلق تواجه روزا مونتيرو بجرأة، موقف ادباء كبار"ضيعوا روحهم"في بعض مواقفهم، وانحازوا فيها الى بعض المتسلطين وجملوا تصرفاتهم. وتذكر الكاتبة في هذا المجال غوته الذي باع نفسه رخيصاً، وتدفأ بعباءة الحاكمين، وغابرييل ماركيز الذي أهداه فيديل كاسترو بيتاً، وخوزيه كاميلو ثيلا الذي أعلن مناصرته للاسرائيليين في الشرق. اضافة الى كل ذلك، يعتبر"مجنونة البيت"نشيداً للحرية، وتتحدث فيه الأديبة عن حياتها الخاصة، وعن علاقتها بالرواية، وتذكر شيئاً عن هاجس الموت ومرور الزمن، الأمرين اللذين يشغلان بال الكاتب والانسان.