بدأت محكمة أمن الدولة في عُمان أمس أولى جلسات محاكمة اعضاء تنظيم سري محظور متهمين بمحاولة قلب نظام الحكم بقوة السلاح وإقامة"دولة الإمامة"التي انتهت في خمسينات القرن الماضي بتوحيد البلاد تحت حكومة واحدة. واستمعت المحكمة امس الى أقوال عشرة متهمين بحضور محامين عنهم، وفضل بعضهم عدم وجود محام"لعدم حاجته الى ذلك"، وراوح دفاع المتهمين وأقوالهم بين ابداء الندم وطلب الصفح والعفو من السلطان قابوس وبين التنظير الفكري للمذهب الأباضي قائلين ان هدف التنظيم الحفاظ على المذهب الأباضي من أعدائه في الداخل والخارج. بدأت المحاكمة في التاسعة صباحاً واستمرت حتى السابعة مساء وسط حضور لافت لأعضاء في مجلسي الدولة والشورى وعدد من الولاة اضافة الى ستة من الصحافيين سمح لهم بالدخول للمرة الأولى في قضايا حساسة تمس الأمن، كما سمح لواحد من ذوي كل متهم بحضور جلسة محاكمته. وتضمنت لائحة الاتهام ايضاً الاتجار بأسلحة آلية وحيازتها، ورأى احد المتهمين ان حيازة اسلحة جزء من الحياة التقليدية العمانية اذ"توجد قطعة السلاح تتمثل ببندقية داخل كل بيت"، وفيما تمتع بعض المتهمين بنفس تنظيري واسع وبحالة معنوية جيدة بدا الارهاق على اثنين منهم فطلبوا الجلوس على كرسي وسمحت لهم المحكمة بالتعبير بحرية كاملة وأعطتهم الوقت الذي استلزمهم للكلام في كل شيء لكن خصوصاً عن تفاصيل انضمامهم الى التنظيم ودوافعه. ورأى معظم المتهمين ان قيام"الدعوة"اعتمد في مرحلته الأولى على الكتمان أي"امامة الكتمان"تليها مرحلة أخرى هي"امامة الظهور"بتحولها الى العلن ثم إقامة دولة الخلافة الاسلامية أو الامامة. وأظهرت أقوال عدد من المتهمين ان المجلس الأعلى للتنظيم قرر قبل عامين العدول عن الأهداف السياسية الى أخرى"توعوية"تتعلق بنشر المذهب الأباضي وحمايته"فيما لو تغير الحكم ووصل الى سدته أصحاب مذاهب أخرى"يرونها خطراً على المذهب الاباضي. وحاول بعض المتهمين تغيير أقواله بنفيه العلم بأهداف التنظيم إلا ان تسجيل المحاكمات والإفادات القضائية واجهت المتهمين بالجوانب التي سبق لهم الاعتراف بها، واللافت ان غالبيتهم نفوا نيتهم المس بالحكم الحالي وكرروا كلمات"حاشا الله"، مؤكدين ان تنظيمهم هدفه"اعلاء كلمة المذهب"، وأشار أحدهم الى تجربة المدارس السرية في الجزائر في إشارة الى المناطق التي تتبع المذهب الأباضي. ويضم المجلس الأعلى للتنظيم ثمانية أعضاء، وهو بدأ نشاطه الفعلي عام 1982 بفكرة احياء الخلافة الاسلامية وإعادة الإمامة، خصوصاً في المنطقة الداخلية في عُمان، وهناك مجلس تنفيذي فيه ممثلون من المحافظات والمناطق العمانية تولوا عملية استقطاب وتنظيم وجمع الأموال بنسبة خمسة في المئة من راتب كل عضو. واكد مصدر أمني ل"الحياة"انه تم ضبط كميات من الأسلحة بينها بنادق كلاشنيكوف ومسدسات كانت مخبأة في أماكن مختلفة، وعرضت المحكمة لقطات للمتهمين يستخرجون فيها هذه الأسلحة بعد اكتشافها. وتتواصل اليوم محاكمة عشرة آخرين وتستكمل المحاكمات غداً ب11 متهماً ويترك المجال بعدها للمحامين للترافع عن هؤلاء.