وضع معلقون اسرائيليون التصريحات المتشددة التي أدلى بها اثنان من كبار أقطاب حزب"ليكود"الحاكم في اسرائيل هما وزيرا الخارجية والمال سلفان شالوم وبنيامين نتانياهو في شأن مستقبل العملية السياسية في المنطقة، إضافة الى اشتداد الصراع على زعامة حزب"العمل"الذي يقوده الآن شمعون بيريز، في خانة الإعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة أواخر العام المقبل التي يكاد لا يختلف اثنان في اسرائيل على حتمية تبكيرها الى نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل. ويميل المعلقون الى الاعتقاد بأن رئيس الحكومة أرييل شارون سيجنح مع الانتهاء من الانسحاب من مستوطنات قطاع غزة، أكثر نحو اليمين ويتبنى مواقف أكثر تشددا تتماهى ومواقف الجناح المتطرف داخل حزبه الذي تمرد عليه على خلفية خطة الانسحاب. ويندرج النفي القاطع لشارون لوجود خطة"فك ارتباط ثانية"عن الضفة الغربية بعد الانسحاب من غزة، في إطار سعيه للنأي بنفسه عن"تهمة"جنوحه الى اليسار الاسرائيلي، كما يدعي"المتمردون"عليه، وفي محاولة لاستمالتهم مجددا قبل الانتخابات الداخلية على زعامة الحزب التي تسبق الانتخابات العامة. ويؤكد بعض المراقبين أن شارون لن يقوم بأي خطوة سياسية بعد الانسحاب من غزة وأنه سيكرس جل وقته لضمان إعادة انتخابه زعيما ل"ليكود"وسط توقعات بمنافسة شرسة مع خصمه اللدود نتانياهو الذي يتمتع بنفوذ واسع في أوساط الهيئات الرسمية في الحزب في ظل ملاحظاته وانتقاداته المتكررة لشارون، خصوصاً في كل ما يتعلق بخطة الانسحاب من غزة التي أيدها في نهاية المطاف مرغما. ورأى الخبير في الشؤون الحزبية حنان كريستال أن تبكير الانتخابات واقع لا محالة وان ما تبقى هو تحديد الموعد، متوقعا أن يسقط الائتلاف الحكومي الحالي نهاية العام لاستحالة قدرته على تمرير موازنة العام 2006. ورجح في حديث للإذاعة العبرية أمس أن تجري الانتخابات بداية العام المقبل، وقال إن"ليكود"سيشهد صراعا مريرا بين كبار أركانه وسيتضح لشارون أنه حتى إن أراد فعلا إطلاق خطة انسحاب من الضفة فإنه سيُواجه بمعارضة لم يشهد مثلها من قبل، وسيقودها هذه المرة شالوم ونتانياهو اللذان أعلنا هذا الموقف مساء أول من أمس بشكل لا لبس فيه. وزاد أن عيون شارون وسائر قادة"ليكود"بعد الانسحاب الوشيك من قطاع غزة ستتجه الى أعضاء الحزب البالغ عددهم 180 ألفاً الذين سينتخبون زعيم الحزب الذي سيكون بكل تأكيد رئيس الوزراء المقبل، خصوصا في ظل استطلاعات الرأي التي تفيد أن الحزب سيفوز بثلثي مقاعد الكنيست الجديدة. وكان شالوم واضحا في أقواله حين رسم سياسة"ليكود"المستقبلية وقال إنها تعكس موقف شارون أيضاً، مضيفا لعدد من ناشطي"ليكود"إن رئيس الحكومة طلب منه إبلاغهم أنه"لا نية لديه مطلقا لتنفيذ خطة انسحاب أحادي آخر من الضفة تلي الانسحاب من غزة"، مضيفا أن"ليكود"لن يسمح أبداً بالانسحاب من"اجزاء أخرى من الوطن". وتابع أنه ينبغي على الحزب الخروج بخطة سياسية موحدة قوامها ضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة ومحيط القدسالمحتلة الى تخوم اسرائيل لتكون بمثابة حزام أمني وعدم تقسيم القدس ورفض عودة اللاجئين الى ديارهم. وزاد شالوم في حديث للإذاعة العبرية أمس أن على اسرائيل أن تتهيأ لما سيحاول العالم فرضه عليها بعد الانسحاب من غزة، وقال:"كلنا يعرف ماذا يتوقع العالم بعد الانسحاب من غزة، لذا علينا أن نكون واضحين في طريقنا السياسية وأن نبلغ العالم أن تطبيق خريطة الطريق يحتم أولاً على الفلسطينيين تفكيك قواعد الإرهاب والتحريض. دعونا من الوهم. العالم سيطالب بحل للصراع ، ليس الحل الذي نرمي اليه". وزاد أن شارون يشاطره تصوره للحدود التي رسمها للسياسة الاسرائيلية. وختم أن اسرائيل ستعارض مشاركة"حركة المقاومة الاسلامية"حماس في الانتخابات التشريعية المقبلة في حال لم تتخلّ عن ذراعها العسكرية. من جهته، صعّد نتانياهو انتقاداته لسياسة شارون واعلن مجددا رفضه اي خطة جديدة للانسحاب الاحادي"لأنها تحمل في طياتها رسالة الى الجانب الآخر تقول عمليا إن اسرائيل ترضخ للإرهاب الذي ينطلق من لبنانوغزةوالضفة الغربية". الى ذلك، احتدم الصراع على كرسي حزب"العمل"، الشريك في الائتلاف الحكومي. ودعا زعيمه السابق بنيامين بن اليعيزر زعيمه الحالي الى التنحي ونصح رئيس الوزراء السابق عن الحزب ايهود باراك بعدم ترشيح نفسه لزعامة الحزب لتمكين وجوه جديدة من قيادته علّها تعيد اليه عددا من ناخبيه السابقين الذين غادروه احتجاجا على الوهن الذي أصابه وعجزه عن طرح بديل سياسي جدي لحزب"ليكود"الحاكم. ويرى مراقبون أن حزب"العمل"المحسوب على يسار الوسط لن يسمح لنفسه بالبقاء في الحكومة الحالية حتى نهاية ولايتها وأنه لا بد ان يفتعل أزمة بعد الانسحاب من غزة لينسحب من الحكومة ويطلق معركته الانتخابية في محاولة يُستبعد أن يُكتب لها النجاح في استعادة سدة الحكم من"ليكود".