الصورة أقوى تأثيراً من الكلمة بخاصة اذا كانت صورة أنثى تعرض مفاتنها على شاشة التلفزيون، نصفها عارية من الصدر الى الأعلى، أو ما يحيط بالسرة، أو ما فوق الركبة بشبر ونص، وهذه الصورة لا تدع المتفرج يتأمل في الكلمة ولا في اللحن لأن العين تركز على منطقة العري، وتحريك أعضاء الجسد التي تثير الشهوة في المتفرج، فهذه الصورة حسية ملموسة لا تترك مجالاً للتفكير. كان الرقص الشرقي يثير الأحاسيس، كما نشاهد هذا الرقص في فقرة غنائية أو في حفلة راقصة أو في فيلم سينمائي، لكن لم تخصص لهذا النوع من الرقص فضائيات تلفزيونية كما هي الحال اليوم في الرقصات المرافقة للأغاني الحديثة، فأصبحت المغنية تجيد الرقص الحركات المثيرة والاستعراض ما عدا الغناء، وتحولت الكاميرا الى عين تبحث عن أكثر الحركات اثارة في جسد الراقصة، ولم تتوان الكاميرا عن تصوير الراقصة في وضعيات مختلفة. فضائيات كثيرة تختص بالأغاني المعولمة التي لا تترك حركة مثيرة الا وتعرضها، آخذة على عاتقها ايصال أصوات وحركات لم تكن موجودة في القاموس الموسيقي العربي. فالرقصات مثيرة، تختزل الأنثى الى جسد كسلعة لترويج الأغنية والرقص وتالياً ترويج الفضائية الأكثر اثارة. هل الفضائيات التي تعرض هذه المشاهد تواكب موجة العولمة التي تهدف الى رفع مستوى السلعة المعروضة الى مستوى الانتاج الأجنبي المعولم بما يرافقها من رقصات خلاعية تواكب الحدث العالمي، وتتخلى عن الخصوصية ويتحول الرقص الى شكل من أشكال البورنو الذي يجذب المتفرج من أذنه، أو أنها تدخل اليه من دون أن يدري ومن دون استئذان أحد وأحياناً في غفلة من صاحب المنزل وتفعل ما تريد؟ موضوع الجسد هو موضوع بالغ الأهمية اذ يطرح في سياق ثقافي اجتماعي يواكب عصر الصورة البصرية في الألفية الثالثة بعد موجة الفضائيات التي يكون فيها الجسد سلعة لاجتذاب المتفرج، بخاصة اذا كان جسد أنثى تتلوى وتتحرك بجسدها، وتبقى الصورة هي التي تحدد هوية الراقصة وخصوصيتها التي تنبع من حضارتها، الا ان الفضائيات أزالت الفروق وقضت على الخصوصيات ومسخت الجسد، وأفرغته من مضمونه الثقافي والاجتماعي لمصلحة البعد المادي فيه مقلداً في ذلك الفضائيات الأجنبية ضارباً عرض الحائط بالقيم الانسانية والقيم الروحية المزروعة فينا. لغة الجسد هي الأكثر مفهومية لدى جميع البشر لذلك حاولت الفضائيات الإفادة من هذه الميزة، وبدأت تطرح الجسد ضمن اطار العولمة وتأثيرها في قلب المتفرج قبل عقله الذي لا يتأمل المشهد الا من خلال الحركة الراقصة. فيتحول الجسد الى صورة للتغرب والتشيؤ في أفضل الحالات.