الممثلة الفرنسية، اليونانية الجذور، أنا موغلاليس التي هي أيضاً سفيرة دار شانيل، ولا تظهر إلا مرتدية زياً ينتمي إلى هذه الماركة، وقفت مرتبكة فوق خشبة مسرح"فوروم غريمالدي"في سهرة اختتام مهرجان السينما والأدب الروائي في إمارة موناكو، لتتسلم جائزة أفضل ممثلة في فيلم مأخوذ عن رواية معروفة... متفوقة في ذلك على زميلتها أميرة كسار الحوض، المتوسطية الجذور أيضاً، والتي اعتادت المشاركة في أفلام تستوحى من أعمال أدبية قيمة. ومن جهته إستحق النجم الفرنسي جان رينو الجائزة نفسها عن تمثيله أخيراً في فيلمين مأخوذين عن روايات ناجحة. ويختلف هذا المهرجان عن غيره من المناسبات السينمائية بكونه لا يدور حول الأفلام ونجومها فقط، بل يأخذ في الحسبان أحد أهم العناصر الداخلة في تنفيذ أي شريط وهو الكتابة، وليس كتابة السيناريو وحسب، بل الرواية الأصلية التي تتحول في ما بعد إلى سيناريو، قبل أن تصور وتركب وتجهز للعرض أمام الجمهور. وجاءت الآراء في الندوات مختلفة ومتناقضة حول الفائدة التي تعود على الرواية المكتوبة من وراء تحويلها إلى شريط سينمائي... أو على العكس الضرر الناتج عن مثل هذه العملية. ودافع المنحازون للنظرية الأولى عن فكرتهم من طريق تقديم أمثلة لأفلام أستوحت من روايات غير معروفة على الصعيد الجماهيري العريض... وراحت تلاقي النجاح عقب ظهور الفيلم في دور العرض. وبفضل رواج هذا الأخير وتسليطه الضوء على وجود الكتاب أساساً، بينما رد الفريق المعادي لهذه الفكرة بأن الفيلم لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يتجاوز الرواية التي أوحته أصلاً وتبعاً لذلك فهو يضر بها ويقلل من أهميتها، خصوصاً بالنسبة الى المتفرج الذي لم يقرأها، واكتفى بمشاهدة فيلم لم يعجبه فراح يحطم سمعة الكتاب والفيلم معاً. والشيء الذي اتفق عليه الجميع هو كون السينما لها هويتها المستقلة، وتتخذ من الأساليب ما ليس له أدنى علاقة بالتأليف الروائي... علماً أن المؤلف يجلس أمام ورقته البيضاء، ويترك العنان لخياله من دون قيد أو شرط. ويدخل بذلك في تفاصيل صغيرة، ودقيقة، لا يتسنى للسينما أن تصورها أو أن تضيع أموال منتجيها في إعادتها إلى الشاشة مثلما هي موصوفة في الرواية الأصلية، وهذا ما لا بد أن يستوعبه المتفرج الذي كثيراً ما يخرج من الصالة في حال من خيبة الأمل بعدما يكون شاهد الفيلم المأخوذ عن رواية أثارت في الأساس إعجابه الشديد. تجارب وشوائب وتبين أن الأمر في الولاياتالمتحدة الأميركية يختلف عن مثيله في أوروبا. فالمؤلف هناك لا يبيع حقوق روايته إلى شركة سينمائية، إلا إذا أصطحبت هذه الحقوق بشروط لا تقبل النقاش، وأهمها تدخل المؤلف شخصياً في تحويل روايته إلى سيناريو سينمائي. وتتأرجح حقوق بيع رواية إلى السينما بين خمسمئة الف دولار وعشرة ملايين دولار، تبعاً لاهمية المؤلف ومدى رواج الكتاب الأصلي... بينما تساوي العملية نفسها في أوروبا وبحد أقصى مبلغ مليون يورو. وعرض المهرجان ثلاثة أفلام مأخوذة عن أعمال أدبية، أولها هو فيلم"إمرأة طيبة"البريطاني المستوحى من رواية للأديب الكبير أوسكار وايلد عنوانها"مروحة الليدي ويندرمير". والفيلم من بطولة هيلين هانت وسكارليت جوهانسون وتوم ويلكينسون، وإخراج ديفيد باركر... وقد حضروا العرض، والحفلة الكبيرة التي تلته في قاعة"ليرميتاج"الفاخرة في قلب موناكو. أما الفيلم الثاني، وهو بريطاني ? فرنسي - أميركي مشترك، عنوانه"الإشارة الأخيرة"، فجاء معاكساً للشريط السابق.... إذ راعى أن ينقل إلى الشاشة أدق تفاصيل الرواية، وهي"الشمس المتأخرة"للمؤلفة الفرنسية أن راي وندلينغ، فبدت النتيجة مؤسفة ومثيرة للملل، وذلك رغماً عن براعة نجمته أندي ماكدويل. وجاء فيلم الختام وهو"إمبراطورية الذئاب"الفرنسي المأخوذ عن الرواية الحاملة عنوان نفسه من تأليف جان كريستوف غرانجيه، بين العملين السابقين من حيث الفعالية. فهو يحكي قصة بوليسية مثيرة ويتميز بحبكة لا تترك مجالاً للملل... إلا أن المخرج الشاب كريس ناهون لا يتمتع بالخبرة الكافية، والضرورية لربط الأحداث بصرامة أكبر، والتخلص من بعض شوائب الرواية الأصلية غير الضرورية في السينما.