تعرض قاعة «غاليري دو سينما» الباريسية حالياً مجموعة من الرسوم والصور نفّذها المؤلف الروائي والسينمائي الفرنسي الأفغاني عتيق رحيمي، بعنوان «كاليمورفي» (Callimorphies). واستمدّ رحيمي هذه الأعمال سواء كانت مرسومة أو مصورة فوتوغرافياً، من المرأة ومن كيانها وحسّها المرهف. تحيلك رسومه الأنثوية إلى حروف أبجدية وكأن وجه المرأة وجسدها وملامحها كلها مكتوبة باللغة العربية. وهنا يكمن فن رحيمي، خصوصاً أن اللغة العربية ليست لغته في الأساس، ولكنه تعلّمها بسهولة بفضل جذوره الأفغانية، كما يقول. وإذا كانت الرسوم مثيرة للدهشة إلى حدّ ما، يزداد هذا الشعور أمام الصور التي التقطها صاحب رواية «أرض ورماد»، في الحدائق الباريسية أو في الصحراء الأفريقية عبر رحلاته وجولاته حول العالم. قد تلاحظ أن عنصراً فنياً يتكرّر في رسومه وصوره، إلا أن المعادلة في هذه الحالة أصعب بكثير، وذلك لسبب واضح هو العثور في منظر طبيعي مورد أو صحراوي على مقومات تذكّر بملامح نسائية بحتة. وهذا ما أنجزه رحيمي بمهارة فائقة، آخذاً الوقت اللازم للعثور على شكل نسائي في فرع من فروع شجرة في فصل الربيع أو في استدارة هضبة رملية في وسط الصحراء في المغرب. وتستحق أعمال المعرض التوقف أمام كل منها فترة طويلة، لكشف خباياها وأسرارها والإندماج مع خيال رحيمي الخصب في اللحظة التي اختارها لالتقاط الصورة المعنية. وهذا المجهود المطلوب من المتفرج هو الذي جذب آن دومينيك توسان صاحبة ومديرة قاعة «غاليري دو سينما» ودفع بها إلى تخصيص معرض لأعمال عتيق رحيمي على مدار ثلاثة أشهر كاملة. وكان عتيق رحيمي فاز بجائزة «غونكور» الأدبية المرموقة في العام 2008 عن روايته «سينغي صبور، حجرة الصبر» المكتوبة باللغة الفرنسية والتي حولها في ما بعد وبمعاونة الكاتب الفرنسي جان كولد كاريار، إلى سيناريو سينمائي تولى إخراجه شخصياً للشاشة الفضية في العام 2012، مانحاً بطولته إلى الممثلة الإيرانية المقيمة في فرنسا غولشفتيه فرحاني. وعن السبب الذي دفع به إلى كتابة نص «سينغي صبور، حجرة الصبر» بالفرنسية مباشرة، قال رحيمي إن اللغة الأجنبية تسهّل على المؤلف فضح عيوب المجتمع الذي كبر فيه. أما قبل هذه التجربة فقد حصل على شهادة دكتوراه من جامعة السوربون الباريسية، وذلك في ميدان فنون الصوت والصورة، وألّف العديد من الروايات باللغة الأفغانية أشهرها «أرض ورماد» التي أخرجها بنفسه للسينما في العام 2004، حاصداً جائزة «نظرة تجاه المستقبل» في مهرجان كان السينمائي للعام ذاته. ويقدم معرض «كاليمورفي» إلى جانب الصور والرسوم مجموعة من المقاطع المأخوذة من الفيلمين السينمائيين الذين نفذهما عتيق رحيمي «أرض ورماد» و»سينغي صبور، حجرة الصبر».