استضافت غرفة تجارة وصناعة الكويت، منذ فترة، ندوة حول "الأنشطة التجارية العائلية... التحديات والحلول"، حاضر فيها مجموعة من الخبراء والمتخصصين فى هذا المجال الذين حضروا من العديد من الدول العربية. فى بداية الندوة، أشاد رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت باهتمام الأوساط الاقتصادية والإدارية المتخصصة في العالم العربي بتطوير الشركات العائلية فى الآونة الأخيرة، ما هو إلا انعكاس طبيعي لأهمية تلك الشركات ودورها الطاغي في الاقتصادات العربية. تشير بعض التقديرات الى أن الشركات العائلية في العالم العربي تمثل ما يزيد على 90 في المئة من اجمالي عدد الشركات الخاصة. وتصل هذه النسبة فى منطقة الخليج العربي إلى نحو 95 في المئة من مجموع الشركات الخاصة في تلك المنطقة، كما أنها تستأثر بما لا يقل عن نصف عدد الشركات الكبيرة في القطاع الخاص. وقد ناقش المؤتمرون الذين جاءوا من دول مختلفة قضايا مهمة، منها المُلكية والإدارة ومشكلات الوراثة والمخاطر التي تواجه الشركات العائلية. هناك من دون شك كثير من المشكلات التى تواجه الشركات العائلية، ولا سيما المغلقة منها. ولعل أهمها: 1 تداخل الملكية مع الإدارة في شكل عضوى. ففى كثير من الأحيان نجد أن معظم أعضاء مجلس الإدارة ونواب الرئيس، وبعض القيادات التنفيذية هم من أعضاء العائلة والأقارب. ولذلك لا بد من البدء فى اتخاذ إجراءات لفصل الملكية عن الإدارة، لتحقيق أكبر قدر من المهنية والحياد والنزاهة فى إدارة الشركات والمشروعات ذات الطبيعة العائلية. 2 يقع العديد من المشكلات عند وفاة مؤسس الشركة أو من حل محله، إذ أن ذلك يفتح الباب أمام العديد من المنازعات بين الورثة، سواء من الأخوة أو الأبناء، أو الزوجات نتيجة تعدد الزيجات العلنية والعرفية لبعض كبار رجال الأعمال، مما يؤثر على استمرارية أداء الشركة بالمستوى نفسه. وقد يفضى الأمر إلى تفتت الشركة، وتوزيع أنشطتها وفروعها بين الورثة لإدارتها بشكل منفصل، الأمر الذي يقود إلى ارتفاع التكاليف وخفض جودة السلعة أو مستوى تقديم الخدمات. ج ترتفع مخاطر القروض والإئتمان المصرفي في ما يتعلق بالشركات العائلية، لأن فى العديد من الحالات يكون الضمان الحقيقي للقرض هو سمعة وعلاقات المسؤول الرئيس للشركة أو أحد أنشطتها. فاختفاؤه من المسرح يؤدي إلى تعثر الشركة وتوقف سداد المديونيات، وإلى تحويل جزء من هذه الديون إلى ديون معدومة، في أحيان كثيرة. لذلك فإن حجم الظاهرة فى المنطقة العربية يتطلب تطوير الأشكال القانونية لتلك الشركات لتصبح شركات مساهمة، أو شركات توصية بالأسهم... الأمر الذى يفتح الطريق أمام فصل الملكية عن الإدارة، وترشيد أسلوب الإدارة وخفض مخاطر الائتمان فى بلادنا. صحيح ان الشركات الكبرى فى معظم بقاع العالم أوروبا، أميركا، آسيا انطلقت كشركات عائلية... ولكنها سرعان ما طورت هيكليات الملكية وأساليب الإدارة لكي تصبح كيانات حديثة ومتطورة تلائم روح العصر. فهل آن الأوان أن ننتقل من الأنشطة التجارية في المنطقة العربية إلى الأنشطة الصناعية والخدماتية الحديثة، ومن العائلية إلى المؤسسية ؟! أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة.