وصف وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل محادثات الرئيس بشار الاسد مع ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز أمس في الرياض بأنها"مثمرة"، وقال في تصريح إلى"الحياة"أن"نتائجها الايجابية ستظهر قريباً". وامتنع عن الاشارة إلى هذه النتائج، لكن مصادر اخرى ابلغت"الحياة"أن"النتائج المثمرة والايجابية"التي اشار اليها الامير سعود الفيصل، والتي ستظهر خلال يومين تتعلق بمسألة جدولة انسحاب القوات السورية من لبنان وفق صيغة اتفقت عليها الدول العربية الثلاث سورية والسعودية ومصر. وقالت مصادر مطلعة ان ولي العهد السعودي نصح الرئيس الاسد بضرورة سحب القوات السورية من لبنان بأسرع وقت ممكن لمواجهة الضغوط الدولية وللمساعدة على ايجاد حل للازمة. في نيويورك أعلن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أمس الخميس انه يعتزم إيفاد مبعوثه الخاص لمراقبة تنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن الى المنطقة"لبحث مسألة الانسحاب السوري مع الحكومتين المعنيتين"، اللبنانية والسورية. وقال الناطق باسم الأمين العام، فرد اكهارت،"حسب مفهومي، انه يعتزم الذهاب في الأيام القليلة المقبلة". وسئل انان ان كان يخشى انسحاباً سورياً سريعاً يشكل فراغاً أمنياً قد يستغله الاسرائيليون؟ ورد قائلاً:"واضح ان الوضع يتطلب التعاطي معه بكل حذر وعناية. وأنا سأبعث تيري لارسن ليعود الى المنطقة لبحث مسألة الانسحاب مع الحكومتين المعنيتين. وأملي هو أن أعد لمجلس الأمن تقريراً ينطوي على تقدم عندما يحين موعده في نيسان ابريل". وتابع أنان ان"السوريين أشاروا الى انهم يخططون لسحب القوات من لبنان. هل سيكون الانسحاب كاملاً مع حلول ذلك الوقت نيسان، ام سيكون انسحاباً جزئياً؟ سنرى عندما أقدم تقريري في نيسان. انما في هذه المرحلة، اننا على اتصال معهم". وأضاف:"اما في ما يخص الحذر تجنباً للانزلاق الى وضع قد يؤدي الى ضرب استقرار لبنان أو الى التوتر، فهذا في رأيي أمر يعيه الجميع ويجب ادارته بكل حرص وعناية. نحن سنأخذ ذلك في الحساب أثناء مباحثاتنا ومحاولتنا ان نرى التنفيذ للقرار 1559". وكان الرئيس الاسد قام بزيارة خاطفة للرياض استغرقت حوالي خمس ساعات عقد خلالها اجتماعاً مع الامير عبدالله، في حضور وزيري الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل والسوري فاروق الشرع. وتركزت المحادثات على مسألتين تتعلقان بتطورات الاوضاع في لبنان بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري والضغوط الدولية على سورية. وتتعلق المسألة الاولى بموضوع الاغتيال وانعكاساته على الوضع السياسي والامني في لبنان، والثانية تتعلق بموضوع انسحاب القوات السورية من لبنان وجدولة هذا الانسحاب وفق صيغة توفيقية بين اتفاق الطائف وقرار مجلس الأمن الرقم 1559. وذكر مصدر مطلع أن الرئيس السوري ابدى خلال المحادثات"موقفاً ايجابياً جعل المسؤولين السعوديين يرتاحون اليه"، وجعل المحادثات تخرج ب"النتائج المثمرة"التي اشار اليها وزير الخارجية السعودي. وسئل المصدر عما اذا كان الرئيس الاسد قدم معلومات عن عملية اغتيال الحريري فاكتفى بالقول:"الجميع يريد معرفة الحقيقة ويسعى اليها". يذكر أن الامير سعود الفيصل قام أمس بزيارة عاجلة لشرم الشيخ حيث اجتمع مع الرئيس حسني مبارك، بعدما اكتفى بحضور جانب من الجلسة الافتتاحية لاجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة صباحاً، وعاد إلى الرياض للمشاركة في المحادثات السعودية مع الرئيس الاسد. وفي القاهرة، لم يناقش وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا أمس مسألة الوجود السوري في لبنان بشكل مفصل، لكن الازمة لم تغب عن اللقاءات الجانبية. ويبدو أن الوزراء تركوا لمصر والسعودية القيام بالمهمة الرئيسية لإيجاد مخرج لها. وعلى رغم أن الأمير سعود الفيصل نفى وجود مبادرة سعودية أو تصور محدد لحل الأزمة، إلا أن الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير سليمان عواد كشف بعد استقبال الرئيس حسني مبارك للوزير السعودي أن سورية طلبت عدم مناقشة القضية اثناء الاجتماع الوزاري، وهذا ما قد يفسر غياب الوزير السوري فاروق الشرع. كما تحدث عواد عن"دور مصري - سعودي لاحتواء الأزمة". لكن مصدرا عربيا قال ل"الحياة"إنه رغم عدم طرح الموضوع على الاجتماع الوزاري إلا أن الأيام المقبلة ستشهد نشاطاً قريباً مكثفاً في ضوء الجهود المصرية - السعودية وكذلك احتمالات تصاعد الأزمة وحاجة دمشق إلى غطاء عربي لمساعدتها على مواجهة الضغوط التي تتعرض لها والتي يحتمل أن تزيد حدتها حتى موعد تقديم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان تقريره حول تنفيذ القرار 1559 إلى مجلس الأمن . وأكدت المصادر حرصاً عربياً على تجنب تفجر الخلافات بين العرب قبل وأثناء قمة الجزائر، ما جعل دولاً عربية كانت عبرت عن تحفظها عن عدم وضع موضوع الازمة على جدول أعمال الاجتماع الوزاري أمس، تقبل بالطلب السوري رغم عدم اقتناعها بغياب رأي عربي فيها، وقال وزير عربي ل"الحياة":"اذا أثرنا الموضوع في غياب وزيري خارجية سورية ولبنان فمن يرد علينا؟"ثم أضاف:"ليتنا نحرص على حل مشاكلنا داخل الجامعة العربية".ولكن يبدو أن الأمر في النهاية سيحسم بعيداً عن العرب . وفي واشنطن شكّك نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ساترفيلد الذي زار بيروت اخيرا امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ باعلان الرئيس الأسد نيته سحب قوات بلاده من لبنان"لأن دمشق ارسلت اشارات متضاربة عن نياتها". وقال نائب وزير الدفاع الاميركي بول ولفوفيتز ان"الشعب اللبناني مهيأ لاستعادة نظامه الديموقراطي"، مؤكداً"دعم المجتمع الدولي للمعارضة اللبنانية"وان"واشنطن تراقب عن كثب التطورات في لبنان وضرورة اجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد الانسحاب السوري". وازدادت المواقف الغربية المطالبة بانسحاب سورية، فأعلن المستشار الألماني غيرهارد شرودر ان"فرصة لبنان لاستعادة سيادته لن تتحقق إلا في ظل الالتزام بقرارات مجلس الامن بالانسحاب الفوري لسورية من لبنان". وكان لافتاً دعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559، لكنه دعا الى"ضمان الا يضر هذا الانسحاب بالتوازن الهش في لبنان". وفي دمشق قالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة"ان المفوضية الاوروبية ابلغت دمشق قبل ايام قرار الاتحاد الاوروبي تجميد ارسال مسؤولين كبار الى العاصمة السورية مع ترك الاقنية الديبلوماسية مفتوحة .وأعلن بيان رئاسي سوري عن اتصال اجراه الرئيس بشار الاسد بنظيره النمسوي هاينز فيشر لتأجيل زيارته الى النمسا بسبب التطورات في المنطقة. أما على الصعيد المحلي، فإن الاجواء الايجابية التي ظهرت امس بفعل لقاءات بعض اركان المعارضة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتفعيل الحوار معه، تبددت بعد ترؤس بري اجتماعاً للجنة المتابعة المنبثقة من"لقاء عين التينة"للقوى الموالية .فبعد ان كان بري اعتبر تحرك المعارضة في اتجاهه تحولاً ايجابياً، جاء في بيان لجنة المتابعة انه عرض مضمون اللقاءات التي قام بها ممثلو لقاء المعارضة في اتجاه عين التينة فيما هدف المعارضون الى الحوار مع بري من دون سائر افرقاء الموالاة .وفيما كانت المعارضة دعت الى حكومة انتقالية محايدة طالبت لجنة عين التينة بحكومة اتحاد وطني، واعتبرت ان"اقصر الطرق لحوار وطني يتجلى بالاستشارات لأجل تأليف الحكومة".وحمل الموالون على"المناكفات والتهجمات الاعلامية"، محذرين من"فراغ لا يعلم الا الله مداه".وحمّلوا مسؤولية الضغط على الليرة اللبنانية"من يعتمد لغة التصعيد والاعتصام"، في اشارة الى الاعتصام الذي تنظمه المعارضة امام ضريح الرئيس الشهيد الحريري .وكان بيان المعارضة طالب باقالة قادة الاجهزة الامنية من مناصبهم. وتحوّل تشييع عبدالحميد غلاييني الذي اكتشفت جثته اول من امس في موقع الجريمة ضد موكب الحريري الى تكرار لمطلب المعارضة اقالة قادة الاجهزة الامنية وللمطالبة بالحقيقة حول اغتيال الحريري ومن قضى معه.