تلقى بعض الحلاقين وأصحاب محلات تصفيف الشعر في بغداد تهديدات شديدة اللهجة تطالبهم أحياناً بتغيير مهنتهم، ويرى كثيرون أن هذه التهديدات تحمل بصمة تنظيم"القاعدة"وتأتي كرد فعل على محاولات الشباب تقليد أبناء جيلهم في الغرب في الملبس وتسريحات الشعر وانسجامهم مع ما تنشره العولمة من أفكار، وأن الناس سيعتادون على"التسريحات والطلات"الجديدة. وأثارت الاعتداءات المستمرة على العاملين في صالونات التجميل، من الاناث والذكور، الرعب في نفوس بعضهم ما دفع كثيرين منهم الى التخلي عن مهنتهم أو اللجوء إلى ممارسة المهنة سراً في منازلهم كما عمد آخرون إلى وضع لافتات على واجهات محالهم تنبه الزبائن الى أنهم لا يقومون بقص الشعر أو تصفيفه، وهو مشهد لم يألفه المجتمع العراقي. وقال الحلاق يوسف هادي 30 عاماً إن متطرفين يتجولون بين محال تصفيف الشعر ويهددون بعدم حلاقة اللحى أو محاولة تقليد الأميركيين في قصات الشعر وإلا سيكون مصيرهم الموت، مشيراً الى ان العديد من ابناء المهنة لقوا حتفهم بعد تهديدات وصلتهم أو تعرضت محالهم للايذاء او التفجير احياناً. ويؤكد مصفف الشعر مرتضى محمود، انه وجد صعوبة في تلبية مطالب زبائنه من المراهقين الذين يرغبون بحلق اللحى والشوارب وقص الشعر بطريقة حديثة وتنعيم البشرة وبين ما يسمعه من تهديدات مستمرة له ولامثاله من الحلاقين، ما اضطره الى بيع المحل والعمل في البيت ولمن يعرفهم فقط. ويوضح حلاق ثالث انه تعرض لانذار من أشخاص ملثمين حينما كان في طريق عودته الى البيت بضرورة ترك المهنة ولما استمر في عمله اقتحموا محله فجأة وابلغوه بعدم حلاقة اللحى أو اتباع قصات شعر دخيلة وهددوه بالموت فاغلق المحل الى اشعار اخر، على رغم كونه المعيل لعائلته الكبيرة. لافتاً الى تعرض صديق له الى اطلاق نار ورقوده عاجزاً في البيت بعد اصابته في قدمه اليسرى. ويشكل الخوف من التهديدات والوضع الاقتصادي المتردي عائقاً كبيراً أمام الحلاقين الطموحين الراغبين في الإطلاع على كل جديد في عالم الموضة ومواكبته.، وحال حلاقي الرجال يشبه ما تشهده صالونات حلاقة النساء التي تضطر للخضوع لمتطلبات متشددين يطالبون بعدم تزين المرأة خارج منزلها ومنع عمل الرجال في مهنة حلاقة النساء. وتشير هند طالب صاحبة صالون حلاقة للسيدات وتزيين العرائس الى انها اضطرت الى اغلاق محلها والعمل في البيت لكثرة ما يتردد من أخبار عن استهداف محال الحلاقة والعاملين فيها، وتقول: أحاول مجاراة رغبات النساء في تقليد التقليعات الحديثة وتجميل المحجبات من دون لفت الانتباه إليهن. وتفسر فوزية محمد، باحثة اجتماعية، هذه الظاهرة بالفجوة بين عصر العولمة الذي دخله العراق على نحو ما متاخراً عن بقية الدول وبين التطرف الديني الذي ازداد مع دخول القوات الاميركية العراق لا سيما في المناطق العشائرية التي تحكمها تقاليد معينة لا يمكن زعزعتها، مشيرة الى ان سنوات ستمضي على العراقيين قبل أن يتضح موقفهم مما تشهده بلادهم.