أظهر تقرير صدر اخيراَ عن "صندوق النقد الدولي" بطلب من الجماهيرية الليبية ضمن اتفاقية "الفقرة الرابعة"، ان اجمالي الناتج المحلي الحقيقي في ليبيا نما بنسبة 4.5 في المئة في 2004، في مقابل تسعة في المئة في 2003 جراء التراجع في إنتاج النفط إلى 7.5 في المئة في المئة. وأشار التقرير الى ان النمو المقدر للقطاع غير النفطي حقق ثلاثة في المئة في 2004 في مقابل 2.2 في المئة في 2003. وساهم الارتفاع في أسعار النفط في تحقيق فائض في الحساب الجاري إلى 15.4 في المئة من الناتج المحلي، فيما بلغ الاحتياط الأجنبي 19 بليون دولار في 2003، ما يغطي تكاليف 22 شهراً واردات في 2004. وقدر الفائض في الحساب الجاري ب26 في المئة من الناتج المحلي في 2004، في حين بلغ الاحتياط الأجنبي 25 بليون دولار، ما يوازي 27 شهراً وارداتٍ متوقعةٍ في 2005. وأضاف التقرير ان السياسة المالية للحكومة الليبية استمرت في التوسع اذ ارتفع العجز في موازنة الحكومة، باستثناء الإيرادات النفطية، إلى 36 في المئة من الناتج المحلي في 2003، حيث يتحول فائضاً 10.5 في المئة مع الإيرادات النفطية. أما في 2004، فقدر فائض الموازنة الحكومية ب19 في المئة اذ شكلت الإيرادات النفطية 52.4 في المئة من الناتج المحلي، في حين تراجعت الإيرادات غير النفطية إلى سبعة في المئة من الناتج المحلي، بواقع نقطةٍ مئويةٍ واحدةٍ بسبب انخفاض العائدات الضريبية للحكومة جراء تطبيق القانون الضريبي الجديد. أما تداول النقد فزاد 8.5 في المئة بسبب تحسن الوضع المالي للحكومة ما أدى إلى انخفاض مطالبات المصارف من الحكومة في حين ارتفع الإقراض 13 في المئة معظمه للمؤسسات الحكومية. ومن ناحية الإصلاحات، أشار التقرير الى ان الاقتصاد الليبي ما زال يعتمد بقوةٍ على قطاع النفط وما زال يدار مركزياً. وأضاف ان الحكومة الليبية، بعد رفع عقوبات الأممالمتحدة في 2003 والعقوبات الأميركية في 2004، فعّلت تطبيق الإصلاحات الاقتصادية بهدف تقوية دور القطاع الخاص اذ عممت خفض أسعار الفائدة لتشجيع الطلب على القروض من قبل القطاع الخاص وأعلنت عن مشروعٍ لتحديث نظام الدفع. لكن هذه الإجراءات، بحسب التقرير، افتقرت إلى الشفافية. وشملت الإصلاحات قوانين تشجيع الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي، وقانون جديد للضريبة وإلغاء الامتيازات الجمركية للمؤسسات العامة وخفض الضرائب على الواردات كما يتم إعداد قانون مصرفي جديد يعطي البنك المركزي الليبي الاستقلالية في إدارة السياسة النقدية وتعزيز الرقابة المصرفية. وأضاف التقرير ان حملة التخصيص التي لا تشمل قطاع النفط والغاز والنقل البحري والجوي والطاقة انطلقت في كانون الثاني يناير 2004، وتتضمن تخصيص 360 وحدةٍ اقتصاديةٍ حكوميةٍ، اذ خصصت حتى الآن 42 وحدة صغيرة. كما انسحبت ليبيا في أيلول سبتمبر 2004 من برنامج "الدول الفقيرة المديونة جدا" بحجةٍ أنها تعد خطتها الخاصة التي تنوي متابعتها مباشرةً مع اللجنة، ما اعتبرتها اللجنة خطوةً غير مدروسةً. إصلاحاتٍ شاملة ورحب خبراء الصندوق بالأداء الجيد للاقتصاد الليبي في العامين الماضيين، وحضوا السلطات الليبية على تفعيل طاقاتها لإصلاح الاقتصاد عبر اعتماد إجراءات لتشجيع الاستثمار الأجنبي وتعزيز دور القطاع الخاص وتحرير نظام التداول بالعملات والتجارة الخارجية. ودعوا ليبيا إلى الإطلاع على تجارب الدول التي سبق لها ان طبقت التحول من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق ونجحت في المهمة. وركز الخبراء على تطوير أدواتٍ ماليةٍ تابعةٍ للسوق وعلى إعادة ترتيب قطاع المصارف وعلى تحرير الأسعار وتقوية إدارة الموازنة الحكومية وإصلاح نظام المساعدات الحكومية في المدى القصير. واقترح الخبراء السيطرة على العجز في الموازنة التي لا تتضمن الإيرادات النفطية، عبر تقوية قاعدة الضرائب غير النفطية وتخفيف الإعفاءات الضريبية وترشيد الإنفاق الحكومي. كما حضوا السلطات على إعداد موازنةٍ موحدةٍ تتضمن العمليات المسجلة خارج الموازنة، وتتبع لصلاحيات ومسؤوليات وزير المال بهدف تفعيل الشفافية. أما في خصوص الإيرادات النفطية، فأوصى الخبراء بتوفير الإيرادات النفطية على المدى المتوسط واستثمارها في تمويل الإصلاحات البنيوية ولا سيما المؤسسات الحكومية والخدمات المقدمة للمواطنين والاستثمار في رأس المال البشري. ودعوا إلى اعتماد شفافية أكبر في التصريح عن أرقام "صندوق احتياط النفط" من خلال التصريح الدوري عن أدائه، وتكليف شركة تدقيق مستقلة مراجعة حساباته. ورحب الفريق بالإصلاحات المالية والمصرفية وضمنها إعطاء استقلاليةً ودور أكبر للمصرف المركزي الليبي في تطبيق السياسة النقدية بالاعتماد أكثر على أدوات السوق وتحرير أسعار الفائدة تدريجاً وإلغاء القروض الموجهة. ودعا إلى تشديد الرقابة المصرفية واعتماد المعايير المالية العالمية لتصنيف الأصول والاحتياطات اللازمة، كما دعا إلى المضي في تخصيص المصارف الليبية والسماح للمصارف الأجنبية العمل في ليبيا. ودعا الخبراء السلطات المالية إلى متابعة الأسواق ومراجعة تحديد سعر صرف العملة المحلية للتأكد من قدرة استمرار القطاع الغير نفطي على المنافسة في الأسواق العالمية. وشجع الخبراء السلطات على المضي في تخصيص معظم القطاعات الحكومية كما حضوا الحكومة على إصدار قانون تخصيصٍ يعطي الوكالة المسؤولة عن التخصيص وضعاً قانونياًً مستقلاً وصلاحياتٍ إضافيةٍ، وأكدوا استعداد البنك الدولي لتقديم المشورة اللازمة. أخيراً، طلب الخبراء من السلطات الليبية زيادة جهودها في تصحيح الخلل في نظام الإحصاءات لتحسين نوعية المعلومات الاقتصادية والمالية وأرقام الموازنة، دعوا ليبيا إلى الانضمام ل"نظام نشر المعلومات العامة" الخاص التابع ل"صندوق النقد الدولي".