أبدى خبير اقتصادي عراقي تحفظاً عن الجدل القائم حالياً داخل إدارات معظم الشركات الصناعية، حول جدوى الاستعانة بعمالة من خارج العراق للعمل في هذه الشركات، نتيجة غياب الانضباط والانفلات السلوكي لدى قسم من عمال هذه الشركات الذين غلبوا مصلحتهم الشخصية على المصلحة العامة. وقال أستاذ الاقتصاد والمال في جامعة بغداد همام الشماع "ان استقدام العمالة الأجنبية يجب أن يكون من حيث المبدأ على أساس عدم توافر عمالة محلية، سواء من حيث مستوى المهارات المطلوبة أو من حيث مستويات الأجور، لافتاً إلى ان الواقع الحالي في العراق لا يدعو إلى استقدام أيد عاملة". وأوضح الشماع ان الأجور ما زالت منخفضة في العراق قياسا إلى الدول الآسيوية، أما المهارات فهي متوافرة أيضاً، وقد يحتاج بعضها إلى إعادة تأهيل مهني للتأقلم مع أنواع جديدة من العمل. وأكد الشماع ان المطالبة باستقدام أيد عاملة حالياً، ربما كان سببه حال الفوضى الإدارية والسياسية العامة، وغياب القانون، "وهذه حال عامة في العراق لا يمكن الفرار منها إلى حلول مجتزأة، خصوصاً بالنسبة للمنشآت ذات الملكية المشتركة مع الدولة، مثل القطاع المختلط الذي يعتمد أساليب تخضع لهيئة الرقابة المالية، كما يخضع من الناحية الإدارية إلى قرارات مجلس الإدارة، الذي غالبية أعضائه من القطاع الخاص، ما يفسر حال التناقض التي يعيشها هذا القطاع". وشدد الشماع على ان الحل لا يكمن بالهروب من المشكلة باستقدام أيد عاملة من الخارج، لان هذا الأمر قد يفاقم الوضع الأمني سوءاً. ورأى ان الكثير من مؤسسات القطاع المختلط لا تحقق وفورات في العملة الأجنبية، إذا ما تم الاحتساب الدقيق لمداخيل الإنتاج، حيث الجزء الكبير منها مدعوم حكومياً، مثل الوقود والطاقة، وإذا أضفنا كلفة الأيدي العاملة المستقدمة بالعملة الأجنبية، فان هذه المؤسسات تصبح هادرة للعملة الأجنبية بدلاً من أن تحقق وفورات تسهم في تصحيح العجز التجاري الكبير الذي يعاني منه العراق. وقال الشماع ان هذا التعميم لا ينطبق على كل مؤسسات القطاع المختلط، وانما على غالبيته، ومن هنا فان استقدام الأيدي العاملة الأجنبية يتطلب تقويم كل مشروع على حدة لتحديد الوفر أو الهدر في العملة الأجنبية، وبالتالي إجازة استقدام الأيدي العاملة الأجنبية. يذكر ان شركات صناعية عدة في القطاع المختلط والخاص تعاني مشكلات في الإدارة والإنتاج نتيجة إصرار عمالها على تنفيذ مطالبهم، بمعزل عن شرعيتها، ومعظمها يصب في الحصول على العائدات المالية لهذه الشركات على شكل حوافز ومكافآت وزيادات في الرواتب، وكذلك التحكم بمفاصل العمل الإداري والحسابي والإنتاجي من دون الرجوع إلى مجالس الإدارة، كما يعتبرون انهم أحق في موارد هذه الشركات من مالكيها، ما أوقع الشركات المذكورة في مصاعب مالية، فيما راح المتابعون للشأن الصناعي المختلط إلى الكتابة في الصحف المحلية والترويج إلى استقدام عمالة خارجية تنهض بواجبات تشغيل هذه المنشآت الصناعية، على نحو مغاير لما يحصل حالياً فيها.