روز فيتزجيرالد كينيدي مثال الأمومة بكل أبعادها، ورمز الوالدة الصلبة التي تشبك العائلة وتربطها بأواصر الحب. هي والدة جون. اف كينيدي، رئيس الولاياتالمتحدة الذي قال عنها انها كانت"الصمغ الذي الصق العائلة ببعضها بعضاً"، كما هي والدة السيناتورين الاميركيين روبرت وادوارد. ولدت روز في العام 1890 ونشأت في عائلة محافظة علمتها أن تعمل لتترك اثراً في الحياة. كانت الابنة الكبرى بين ستة أولاد وورثت من والدها الايرلندي الحيوية والذكاء والفتنة. وقفت إلى جانب والدها، رئيس بلدية بوسطن، وساعدته في مهماته السياسية منذ الصغر. أغرمت في صيف العام 1906 بجو كينيدي، ابن سياسي ايرلندي من المدينة نفسها، وهي لم تكد تبلغ السادسة عشرة من عمرها. تركها والتحق بجامعة هارفارد فيما توجهت إلى مدرسة راهبات بعيدة. بقيت سبعة اعوام مغرمة بجو قبل ان تسرع للزواج من حب حياتها... وبدأت تنجب الأولاد، حتى بقيت 17 عاماً تقريباً حبلى. اثنا عشر ولداً، عاش منهم تسعة في ما بعد، وخمسة فقط بعد وفاة والدتهم التي كانت قوية الى حد انها بقيت تساند زوجها السفير في مهماته الديبلوماسية وترعى كل ولد باهتمام بالغ من دون أي تقصير. ولمّا بدأ جو يبتعد عنها بعدما بلغت الحادية والاربعين، ليلاحق النساء يميناً ويساراً، اخفت الخبر عن الجميع، حتى عن اولادها، لا بل ذهبت للتسوق مع"صديقته"في باريس اسكاتاً للإشاعات والأخبار الصحافية المغرضة. انصرفت بعدها لتساند ابنها جون في طموحاته السياسية الى ان اوصلته الى رئاسة الجمهورية، كما وقفت الى جانب روبرت في ما بعد. كانت تهرع دائماً لمساعدة اي فرد من العائلة... كما كانت تفجّر غضبها اذا خالف احدهم ارادتها. لم تتخل يوماً عن رباطة جأشها، حتى عندما قتل ابنها جو جونيور في انفجار طائرته فوق بريطانيا، اكتفت فقط بملازمة غرفتها لأسابيع عدة قبل ان تدرك ان اولادها الباقين في انتظارها. بقيت تتلقى الضربات بوفاة اولادها ومرضهم من دون ان تظهر حزنها الى العلن: كاتلين قتلت في تحطم طائرة، جون اغتيل، بوبي اغتيل، جو ضربته نوبة قلبية، تيدي سقط بسيارته عن جسر عال، روزماري المعوقة عقلياً زادت اعاقتها بعدما اخضعها والدها لجراحة من دون علم والدتها. لم تدع دموعها تتساقط علناً، لا بل كانت تقول: ان العصافير تغرّد بعد العاصفة، لم لا نفعل هكذا ايضاً؟ بقيت روز ممسكة بزمام العائلة حتى بعدما أقعدتها نوبة قلبية. تقود كرسيها المتحرك إلى حيث منعتها ساقاها من التوجه. وبقيت"هنا"لأولادها الخمسة الباقين و28 حفيداً وحفيدة، و41 من اولاد احفادها، ومن بينهم ثلاث باسم روز. بقيت تستمع الى مشكلات كل منهم، تنصحه وتوجه حياته. استحقت عن جدارة درع الأمومة من إبنها السيناتور ادوارد لما بلغت المئة وتخطت السنة الخامسة بعد المئة من دون ان يترك العمر اي اثر سلبي في عقلها أو ذكائها.