بين حين وآخر تتململ"السينما العراقية"لتخرج على سكونها- هذا السكون الذي لم تستطع التخلص كلياً منه في أي فترة من فترات حياتها التي تجاوزت نصف القرن- لتبدأ حركة انتاج، أو حماسة للانتاج، تتواصل مدة، على نحو أو آخر، ثم لا تلبث أن تعود إلى سابق عهدها، حيث السكون المعهود. لذلك ظلت هذه السينما - كما يراها كثرمن المعنيين بها - في وضع متأخر، كلياً أحياناً وجزئياً في أحيان. فهي، في مدى عمرها هذا، لم تنتج سوى مئة فيلم كان آخرها:"غير صالح للعرض"الذي ينتظر عرضه في خلال الأشهر المقبلة من العام الحالي. هذه"السينما"تتململ اليوم على حال سكونها.. ولكن ليس بانتاج أفلام جديدة، هذه المرة، وإنما باستعادة"الأفلام القديمة"، في ما لها من تاريخ فني، وذلك من خلال برنامج أعدته دائرة السينما والمسرح لتقديم عروض سينمائية اسبوعية، وذلك بتقديم فيلم عراقي كل اسبوع من خلال"نادي السينما"التابع للمؤسسة. وقد بدأت برنامجها هذا، بعرض فيلم"سعيد أفندي"الذي لا يزال يُعدّ من الأفلام العراقية المتميزة. وهو الفيلم الذي كتب السيناريو له الفنان الكبير يوسف العاني، كما مثّل دور البطولة فيه إلى جانب فنانين آخرين كبار، من أبرزهم الفنان جعفر السعدي، وأخرج الفيلم الفنان الراحل كاميران حسني. الفيلم الثاني الذي قدمه النادي ضمن برنامجه هذا هو فيلم"الظامئون"المأخوذ عن رواية بالعنوان نفسه للروائي العراقي عبدالرزاق المطلبي.. وأعدّ السيناريو له الفنان يوسف العاني، وكتب الحوار الفنان خليل شوقي، وأخرجه المخرج السينمائي المعروف محمد شكري جميل.. ومثّل الأدوار الرئيسة فيه عدد من أبرز نجوم المسرح والدراما في العراق، من بينهم الفنانة فوزية عارف والفنان سامي قفطان. وهو من أفلام حقبة السبعينات المهمة، إذ حاز أكثر من جائزة، من أبرزها جائزة النقاد في مهرجان طشقند السينمائي عام 1973. "نادي السينما"الذي يقدم بمثل هذه"العروض الاستعادية"يفكر القائمون عليه بتطويرها وذلك بعقد"ندوة نقاشية"حول كل فيلم من الأفلام التي يتم عرضها، يشارك فيها النقاد السينمائيون وبعض العاملين في هذا الحقل مع جمهور السينما... والغرض من ذلك - كما قال القائمون على النادي - هو بلورة أفكار واضحة حول ما ينبغي أن تكون عليه السينما العراقية مستقبلاً، وهي التي تعاني اليوم- كما المسؤولون في دائرة السينما والمسرح - حال"افتقار الى الدعم المادي اللازم للنهوض بحركة الانتاج".