قالت مصادر مواكبة للمناخ السائد داخل"حزب الله"انه يدرس جدياً التحرك باتجاه القوى والأطراف السياسية الاساسية في لبنان من اجل ان يستعيد الإجماع الوطني على المقاومة في ضوء اللغط الذي اثارته تظاهرة الثلثاء في 8 آذار مارس الماضي التي جاءت بدعوة من الأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية التي استضافها الحزب. وأكدت المصادر ان تحرك الحزب ينطلق من العناوين التي طرحها امس امينه العام السيد حسن نصر الله في المقابلة التي اجراها معه تلفزيون"المنار"والتي تصب في سياق توجيه رسائل تطمينية لكل القوى والأطراف السياسية بغية تبديد اجواء الاحتقان من خلال التفسيرات والاجتهادات التي حمّلها البعض لخطابه في المسيرة الحاشدة في ساحة رياض الصلح. وأضافت ان الحزب ليس في وارد توظيف خطاب نصر الله في الزواريب المحلية الضيقة، او السماح لأي طرف في السلطة او خارجها بالاستقواء به في السجال الدائر بين القوى السياسية المتنافسة في محاولة لتصفية الحسابات، مشيرة الى ان الحزب عندما قرر منح الثقة لحكومة الرئيس عمر كرامي المستقيلة، كان يعلن وقوفه الى جانب الخيارات السياسية للحكومة بمعزل عن انتقاداته لممارساتها الداخلية التي ليس في وسع أي طرف ان يزايد عليه في هذا المجال. ورأت ان الحزب يعتبر نفسه المتضرر الأول لا بل الوحيد من انقسام الشارع الداعم للمقاومة الذي يتوزع حالياً على جبهتي المعارضة والموالاة، وقالت ان هذا الشعور بدأ يدفعه في اتجاه الالتفات الى القوى السياسية لقطع الطريق امام اي محاولة يراهن اصحابها ولاعتبارات دولية وخارجية على قدرتهم على عزل المقاومة عن محيطها الشعبي وصولاً الى تفكيك قوى اساسية كانت وما زالت تلتف من حولها. وأوضحت ان البعض حاول ان يوظف نزول الحزب بهذه القوة الى الشارع وكأنه تأييد له او دعم لمواقفه، فيما البعض الآخر سعى الى التعامل مع حضوره المتميز في ساحة رياض الصلح على انه خطوة اولى على طريق احداث انقسام مذهبي وطائفي ومن ثم فرز سياسي في هذا الشارع الكبير الذي يؤمن الحصانة الشعبية للمقاومة. وتابعت ان الحزب خلاف الحسابات الضيقة، يرى ان التظاهرة حققت الهدف المرسوم لها، بتوجيه رسالة الى المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية التي لم يكن في مقدورها تقدير دور الحزب وحجمه السياسي، مؤكدة انه نجح في انتزاع الاعتراف الأوروبي به من جديد في ظل الحملة التي تقودها الإدارة الأميركية التي لن تبدل من سياستها ازاء المقاومة، وتحاول الآن الالتفات على هذا الاعتراف في اصرارها على نزع سلاح المقاومة مع عدم تجاهل دور الحزب في الحياة السياسية. وأشارت الأوساط ذاتها الى ان الإدارة الأميركية تحاول من خلال اصرارها على سحب سلاح المقاومة القفز فوق الأسباب التي استدعت حمل السلاح من دون ان تلتفت الى توفير الحلول لها سواء بالنسبة الى استمرار احتلال مزارع شبعا او الوضع في المنطقة وتداعياته في فلسطينالمحتلة والعراق اضافة الى رفضها الضغط على اسرائيل التي ما زالت تحتل هضبة الجولان. وحذرت من ان بعض القوى في المعارضة بدأ يراهن على حصول انقلاب في لبنان، يتيح له طرح سلاح المقاومة مادة لاحقة على جدول الأعمال السياسي ليوحي بأن الحزب لا يأخذ بقرار الأكثرية المطالبة بجمع هذا السلاح. وقالت المصادر ان كل هذه الاعتبارات والمعطيات املت على الحزب الالتفات الى القوى الاساسية في المعارضة ليس بهدف احداث شرخ بين صفوفها وإنما على قاعدة ان ما يجمعه معها حول قواسم مشتركة يبقى اكثر بكثير من نقاط الاختلاف او النقاط التي ما زالت عالقة وتحتاج الى متابعة. واضافت ان الحزب جاد في استعادته لعلاقته الطبيعية مع كتلة قرار بيروت وتيار المستقبل وعائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط. وتابعت ان الحزب ومن خلال نصر الله ومن باب الوفاء للرئيس الشهيد بادر الى قول كلمة حق في مواقف الأخير الرافضة للقرار 1559 والمتمسكة بحماية المقاومة وتوفير الدعم والغطاء الدوليين لها. وأكدت ان الحزب ابدى ارتياحاً للخطاب الذي ألقته النائبة بهية الحريري الاثنين الماضي في الاعتصام الكبير الذي حمل عنوان"الولاء للبنان والوفاء للحريري"، لافتة الى ان ما قالته كان شاملاً وربما اكثر بكثير مما توقعه البعض. وكشفت ان الحزب بعد كلام النائبة الحريري لا يستطيع إلا ان يضع مسيرة الثلثاء تحت سقف المواقف المحلية والقومية الواردة في الخطاب، مؤكدة انه يدعم التفاهم على مخارج عملية للنقاط التي اثارتها على قاعدة الوقوف من دون أي تردد الى جانب كل ما يدعو عائلة الشهيد وتياره السياسي الى الاطمئنان. ورأت المصادر ان لا مشكلة امام توافق القوى السياسية الفاعلة في البلد على هذه المخارج لتكون بمثابة عناوين في البيان الوزاري للحكومة العتيدة، معتبرة ان المهمة الأولى للقوى الفاعلة تكمن في تبديد الهواجس لدى عائلة الشهيد ومحازبيه وداعية الجميع الى الانفتاح على كل ما يريح هذه العائلة بعد الخسارة الجسيمة التي لحقت بها وبلبنان. وإذ شددت على ان توافق القوى الفاعلة من شأنه ان يشكل صمام أمان في وجه التحديات الخارجية التي يجب التصدي لها وبصرف النظر عن مصير الاتصالات الجارية لتشكيل حكومة اتحاد وطني قالت في المقابل ان الحزب لن يبدل موقفه من جنبلاط وأنه يأمل في ان تستعيد العلاقة بينهما حيويتها. وأوضحت ان الحزب كان قد قرر عدم الدخول في سجال مع جنبلاط على رغم ما صدر عن الأخير من مواقف في محطات سياسية معينة اثارت هواجس القواعد الحزبية وكان وما زال يبدي حرصاً على تجنب الرد على بعض المواقف لأن اي مشكلة طارئة معه قابلة للحل ولا بد من تسويتها. ولفتت الأوساط الى ان الحزب لم يعلق على الموقف الأخير لجنبلاط الذي اشار فيه الى تعليقه الحوار مع الحزب احتجاجاً على الرسم الذي رفع له في تظاهرة النبطية الأخيرة والذي جاء على شكل حاخام يهودي. وعزت السبب الى ان قنوات الاتصال القائمة بين الطرفين كفيلة بتوضيح الموقف خصوصاً ان الحزب وإن كان يرفض رفع مثل هذا الرسم لأي شخص آخر، فإنه بالتأكيد لا يقبل بأن ترفع صورة لجنبلاط بهذا الشكل وهو معروف عنه بمواقفه الوطنية وليس في حاجة الى شهادة من احد. وفي الختام اكدت ان رد فعل جنبلاط بتعليق الحوار قد سوي بعد الاتصالات التي تولاها النائب غازي العريضي ليل اول من امس مع مسؤولين اساسيين في الحزب ونقل على اثرها رسالة لجنبلاط تتضمن رفض الحزب الشديد للاتهامات والإساءات التي وجهت الى جنبلاط، وقد اعتبر الأخير الموضوع منتهياً خصوصاً انه توج باتصال أجري بينه وبين احد كبار المسؤولين في"حزب الله".