تستضيف هذه الزاوية، كما يشير عنوانها، وجوه المعلوماتية في العالم العربي. وتحاول ان تقدم للقارئ الايدي العربية التي تساهم في ثورة المعلوماتية والاتصالات في عالمنا المعاصر، عبر عملها في صفوف الشركات الكبرى الصانعة لتلك التكنولوجيا. وتحاول ان تضيء النواحي العلمية، وكذلك الانسانية والاجتماعية، في حياة هؤلاء الذين يعملون خلف الشاشات المضيئة للاجهزة الالكترونية. يلقب جوزيف حنانيا، مدير عمليات شركة"هيوليت باكارد" HP في الشرق الاوسط, زوجته ب"ملكة الإنترنت". ويشير اللقب الى مهارتها في استقصاء المعلومات على الإنترنت، وفي التصوير الرقمي على حد سواء. ويلجأ إليها الاولاد كلما احتاجوا إلى مساعدة تقنية في شؤون الأجهزة الرقمية. ويبدو ان حياة حنانيا، الذي يعمل ليل نهار في تقنيات الكومبيوتر، لم تبق بمعزل من الاثر الكبير للثورة المعلوماتية. وفي المقابل، يحاول أن يقيم توازناً بين أولاده الثلاثة وعمله في"هيوليت باكرد"في دول الشرق الأوسط. ويقضي معظم أوقاته مسافراً. ويحاول أن يقتطع من مشاغل الكومبيوتر زمناً للدفء العائلي، بقدر المستطاع. ويشير الى ان أولاده يجدون في عمله، وكذلك ما تبيعه HP من كومبيوترات وآلات طباعة ونسخ ضوئي، وكاميرات رقمية، أمراً مذهلاً. حتى أنهم زاروه في مكتبه مرتين. وكلما رأوا إعلانات الشركة، سواء على التلفزيون او فوق لوحات الاعلانات في الطرقات، يذكرونه بأنها الشركة التي يعمل فيها، ربما ليتأكدوا من أنه لن ينسى! ويضيف أنه ينوي أن يهدي زوجته وأولاده كومبيوتر جديداً وآلة ناسخة جديدة لأن تلك التي يستخدمونها في البيت تعتبر قديمة وفقاً للمعايير الراهنة. ويعتبر ذلك انها"افضل ما يمكن تقديمه في الاعياد". ويوضح ان ابنته 6 أعوام تستعمل الكومبيوتر منذ 3 سنوات. وقد برعت في برامج الألعاب الالكترونية، ككل مجايليها، اضافة الى بعض البرامج التربوية. وتعلم ابنه 4 أعوام كل ما يعرفه عن الكومبيوتر من أخته الكبرى. أما أصغر أبنائه عامان، فيراقب ويقلد ما يفعل أخواه ويقلدهما. البداية في الولاياتالمتحدة أكمل حنانيا دراسته الجامعية في الولاياتالمتحدة. وحاز ليسانس في الهندسة الصناعية وعلوم الكومبيوتر. وتابع مسيرته الاكاديمية الى ان نال درجة ماجيستير في إدارة الأعمال المالية والتسويقية. عقب تخرجه، عمل في شركات الكومبيوتر في الولاياتالمتحدة لمدة 13 عاماً. وانتقل بعد ذلك للعمل في المجال عينه في دول الشرق الأوسط, منذ حزيران يونيو للعام 1995. فقد أمضى 7 سنوات لدى شركة"ايه تي اند تي"AT&T . وكذلك عمل في مؤسسة"المشروع المشترك الجنوبي لشركة بيل أند بيل". وبعدها عمل في شركة"اندرسون اند اندرسون"للاستشارات، حيث عمل مستشاراً في شؤون التكنولوجيا الرقمية. ثم انتقل الى شركة"فيديوتل"التكساسية للالكترونيات، حيث عمل مديراً للانتاج. حدثت نقطة التحول الاساسية في حياته، عندما انتقل للعمل في إدارة عمليات الموزعين لدى شركة "كومباك"Compaq للكومبيوتر، ومقرها في مدينة هيوستن في ولاية تكساس. وسرعان ما تطورت علاقته مع تلك الشركة. فتسلم مسؤولية تنمية سوق المبيعات والتسويق والخدمات ونشاطات الدعم في فرع"كومباك" في الشرق الأوسط. وشملت مسؤولياته فروع الشركة في المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة, ومصر, والكويت, والبحرين, وقطر, وسلطنة عمان, واليمن, ولبنان, وقبرص, والأردن, وفلسطين. وتدرج ليصبح مديراً عاماً في"كومباك"لمنطقة الخليج العربي، اضافة الى ترؤسه قسم تنمية السوق. وتضمنت دائرة مهماته، حينها، دول الإمارات والكويت وعمان وقطر والبحرين واليمن والدول الإفريقية الغربية والشمالية والشرقية, وجمهوريات آسيا الوسطى ومصر ولبنان وقبرص والأردن وفلسطين. وقبل عامين، وتحت القيادة الحديدية لفيورينا كارلي، اشترت شركة"هيوليت باكارد"شركة"كومباك"، في صفقة تاريخية فاقت قيمتها 25 مليار دولار. ادخلت الصفقة كارلي التاريخ. وكذلك نقلت حنانيا الى صفوف شركة"هيوليت باكارد". ووصلت به الى مركزه الراهن. ولأنه تقلب في هذه المراكز, تراكمت لديه خبرة إدارية معمقة في مجال تكنولوجيا المعلومات. ويرى ان المعلوماتية تلعب دوراً رئيساً في تحول المجتمعات والثقافات نحو الانفتاح والشفافية والانخراط في العمل والديناميكية والنشاط. وبفضل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تقلصت الحواجز الجغرافية بين الناس، الى حد الالغاء في بعض الأحيان. ويشير الى أن العالم أصبح دولة واحدة وسوقاً موحدة، مع المحافظة على الديانات والتقاليد والأعراق والثقافات، مع ما تضمنه من المحافظة التعددية والتنوع. وفي حين ترسم حال العالم الآنية صورة قاتمة، يعبر حنانيا عن تفاؤله بتحسن الأمور، وبسيادة مفاهيم اكثر انسانية، وبانتشار ثقافة الاحترام المتبادل, سعياً لإنشاء عالم أفضل وأقوى. يتمنى على أولاده أن يعملوا في المجال الذي يستمتعون فيه. ولا يبدي اهتماماً خاصاً لتوجيههم للعمل مستقبلاً في مجال المعلوماتية، الا اذا كانت تلك رغبتهم الفعلية. "من يعلم؟ إنه لمن الصعب هذه الأيام أن نتكهن ماذا سيحصل في الغد"! ويحاول حنانيا وزوجته أن يعلما أولادهما تقدير الأمور الجيدة في الحياة، وكيفية التعامل مع التحديات. ويقول إنه يستمتع بعمله"وبدورهم عليهم أن يكتشفوا بأنفسهم ما يودون فعله". وما زالت الطريق أمامهم طويلة.