تصاعدت أمس في لبنان أجواء الترقب والحماسة والحذر بانتظار التظاهرة"الحاشدة"التي تنظمها المعارضة اليوم في ذكرى مرور شهر على اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ومن دون أن يتوصل التحقيق الى شيء يذكر لجهة تحديد الفاعلين أو المحرضين والمخططين. ووصفت مصادر مطلعة تظاهرة اليوم ب"الاختبار الكبير"مشيرة الى"ان حجمها سيترك آثاره على الجدل الدائر حول الأكثرية والأقلية ومصير الجهود لتشكيل حكومة ومصير الأزمة برمتها". وأعربت المصادر عن قلقها من"الشرخ الجديد في لبنان اذ يتوقع ان تشارك في تظاهرة المعارضة اليوم القوى الأكثر تمثيلاً للسنة والدروز والمسيحيين في حين كانت القوى الأكثر تمثيلاً للشيعة العمود الفقري لتظاهرة الموالاة في رياض الصلح". وفي حين توضع تظاهرة اليوم تحت شعار"الولاء للبنان والوفاء للحريري"وضعت تظاهرة الموالاة تحت شعار"الوفاء لسورية". ولفتت المصادر الى"خطورة هذا الاستقطاب في ظل الأجواء التي تعيشها المنطقة خصوصاً في العراق". ولاحظت ان"تيار المستقبل"الذي أسسه الحريري لعب أمس دوراً بارزاً في حض اللبنانيين على المشاركة في تظاهرة اليوم في ساحة الشهداء. راجع ص2 و3 في هذا الوقت، اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أن التعهد الذي أعطته الحكومة السورية بالانسحاب من لبنان أمر"ايجابي"، وتوعدت باستكمال الضغط على دمشق حتى سحب كل قواتها وتنفيذ القرار 1559. واكدت رايس في حديث لشبكة"أي.بي.سي"أن التعهد السوري بالانسحاب"طبعا يوحي بعناصر ايجابية"والتي تتجلى"في سحب القوات السورية خارج لبنان وليس فقط حتى منطقة الحدود". وأضافت أن"الادارة ستستكمل الضغط لالتزام كامل بالقرار 1559"، معتبرة"أن المفتاح هو نزع التأثير غير الطبيعي للقوات السورية والاستخبارات السورية في لبنان". ورحبت رايس بمحادثات الرئيس السوري بشار الأسد مع الموفد الدولي تيري رود لارسن والتي تعهد فيها الأسد للأخير بسحب جميع القوات. وسبق حديث رايس موقف مماثل من البيت الأبيض على لسان مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي والذي اعتبر الخطوة"مشجعة"، انما دعا الى رؤية"المزيد من الأفعال"وانسحاب سوري تام تمهيداً لانتخابات نيابية لبنانية حرة. وفي الرياض، دعت دول مجلس التعاون أمس"الاخوة اللبنانيين الى تجاوز الازمة والمحافظة على وحدة لبنان واستقراره وتغليب جانب الحوار بين مختلف القوى الساسية والابتعاد عن كل ما ما شأنه بث الفرقة والانقسام" واعرب وزراء الخارجية الخليجيون الذين اجتمعوا في الرياض في بيان عن"استنكارهم الشديد"ل"الانفجار الآثم الذي ادى الى استشهاد الرئيس رفيق الحريري"ودعوا الى"سرعة وشفافية التحقيق في اغتياله". واشاد البيان الخليجي من جهة ثانية"بقرار الحكومة السورية بالانسحاب الكامل من لبنان". وفيما شهد عرض القوى في الشارع نماذج منه امس، اهمها تظاهرة الموالين و"حزب الله"الحاشدة في مدينة النبطية الجنوبية، واصل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559 مهمته في لبنان في شأن الجدولة الزمنية للانسحاب الكامل للقوات السورية في مرحلته الثانية من البقاع. بعد اكتمال المرحلة الأولى خلال الأيام القليلة المقبلة من الشمال وجبل لبنانوبيروت. والتقى لارسن على مدى يوم امس رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة عمر كرامي، إضافة الى وزير الخارجية محمود حمود والمدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد من السلطة، ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس حركة التجدد الديموقراطي النائب نسيب لحود من المعارضة، على ان يغادر بيروت صباح اليوم الى نيويورك. وفيما شدد الجانب الرسمي اللبناني على ان تحديد موعد المرحلة الثانية من الانسحاب يتم بالتشاور بين حكومتي لبنان وسورية، أطلع لارسن لحود على نتائج لقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد اول من امس معرباً عن اعتقاده"بإمكان تخطي صعاب المرحلة الراهنة وأن هناك خيارات كثيرة يمكن اعتمادها وتكون لمصلحة جميع الأطراف المعنيين". كما اكد الجانب اللبناني ان اللجنة العسكرية اللبنانية - السورية المشتركة ستجتمع لتحديد موعد الانسحاب استناداً الى اتفاق الطائف، فيما ابلغ لحود الموفد الدولي احترام لبنان قرارات الأممالمتحدة. وفي وقت اعرب الرئيس اللبناني عن تمسكه بإجراء الانتخابات النيابية في مناخ من الديموقراطية والحرية والنزاهة اكد لارسن انه"اتفق معه على ان تجرى الانتخابات في مواعيدها". وتطرق البحث الى تعاون لبنان مع فريق التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الحريري. كما شدد الجانب اللبناني على انه يعتبر"حزب الله"مقاومة لا ميليشيا في ما يخص البند المتعلق بحل الميليشيات وجمع اسلحتها في القرار 1559. وأبلغ لحود لارسن وضع كل المعلومات المتوافرة والتي ستتوافر في تصرف فريق التقصي الدولي. اما جنبلاط فركز مع لارسن على انسحاب سوري كامل من المفضل ان يتم قبل الانتخابات النيابية، وعلى ضرورة معرفة الحقيقة في اغتيال الحريري. وتحضيراً لتجمع اليوم الذي اراده"تيار المستقبل"والمعارضة عرض قوة استثنائياً، اقيم ليل امس في ساحة الشهداء رسم بشري من حاملي الشموع لكلمة"الحقيقة"بالعربية والأجنبية، وسط آلاف المواطنين. وينتظر ان يشارك مئات الآلاف من الجمهور العريض المتعاطف مع المعارضة من المناطق اللبنانية كافة وأن يغص وسط العاصمة بالحشود التي عملت احزاب المعارضة على تنظيم دخولها الى بيروت طوال يوم امس. وقد دعت التنظيمات النقابية لأحزاب المعارضة جميع مناصريها الى المشاركة. وخلال احتفال الشموع امس تحدث النائب غازي العريضي عن قول الرئيس لحود اول من امس انه"ربما يأتي احد ويرمي قنبلة على التظاهرات والتظاهرات المضادة فتقع كارثة ثم تأكيده ان الأمن ممسوك والجريمة في حق الحريري رذالة". وقال العريضي:"تاريخ هذا العهد مسلسل اجرام واغتيالات وإرهاب وترويع وتلاعب بأمن الناس واستقرارهم ولقمة عيشهم بدءاً من بنك المدينة وصولاً الى غيره". وأضاف:"ما قاله رئيس الجمهورية هو ضرب من ضروب رذالة هذا الحكم... وليته لم يتصد لرفيق الحريري حين حاول استكمال بناء بيروت". وفيما شهد وسط بيروت التجاري بمطاعمه ومقاهيه امس ازدحاماً لم يشهده منذ 14 شباط الماضي، زار لبنان امس وفد من الاشتراكية الدولية يضم رئيس الحزب الاشتراكي الدنماركي نيروب راسموسن ورئيس الاشتراكي الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الفرنسي السابق بيار موروا ورؤساء الاشتراكي في بلجيكا واليونان وقدم التعازي لأرملة الحريري. والتقى الوفد مساء امس المعارضة في دارة جنبلاط في المختارة. وقال جنبلاط ان"المعارضة عبرت عن طروحاتها ومطالبها، وطبعاً طلبنا الدعم المعنوي الأوروبي من اجل لبنان حر سيد مستقل لتحقيق انسحاب مبرمج وشامل للقوات السورية من لبنان. وبالطبع قبل اجراء الانتخابات النيابية لتكون حرة". واضاف:"الانسحاب الكامل هو لمصلحة العلاقة بين البلدين مع الإصرار على المطلب الاساسي وهو التحقيق الدولي لمعرفة من قتل الحريري. ولفت الى ان المعارضة طلبت مراقبة دولية للانتخابات لكن لا قيمة لها في ظل استمرار قادة الأجهزة الأمنية في مناصبهم"لذلك نطالب باستقالتهم جميعاً".