يعتبر البابونج من النباتات العشبية المستعملة على نطاق واسع وأزهاره تستخدم لأغراض طبية وصحية لاحتوائها على مواد شحمية وأشباه القلويات اضافة الى زيت طيار. وعلى مدى قرون عدة كانت بعض الشعوب تتناول البابونج بهدف التخفيف من وطأة بعض الأمراض والأوجاع ومن التعب. والأطباء لم يبخلوا بوصفه لآفات كثيرة مثل فرط التعرق والتشنج والنفخة البطنية وأوجاع الكبد وآلام البطن واليرقان والنزلات الصدرية والأمراض الميكروبية وداء الصرعة والرشح والشقيقة والإعياء. وأخيراً اكتشف علماء من اليونان أهمية البابونج في الوقاية من داء السرطان ومرض هشاشة العظام، إذ أعلنوا في المؤتمر الأوروبي الذي عقد في مدينة تيسالونيكي ان البابونج يقي من خطر التعرض لسرطان الثدي ويقلل من الإصابة بداء هشاشة العظام المسؤول الأول عن تهشم العظام والكسور عند كبار السن. وفي هذا الإطار قالت الباحثة باراسكيفي ووتساتسو استاذة كلية الطب في أثينا، إن هذه هي المرة الاولى التي يثبت فيها علمياً تأثير نبات البابونج في البشر. وفي بداية العام الحالي نوه باحثون بريطانيون بفائدة البابونج في علاج نزلات البرد والآلام المرافقة للعادة الشهرية. ففي دراسة أنجزها باحثون بريطانيون من كلية"أمبريال كوليج"في جامعة لندن نظمت المشرفة على الدراسة الدكتورة إيلين هولمز تجربة طاولت 14 شخصاً تناولوا خمسة أكواب من شراب البابونج يومياً لمدة اسبوعين متتاليين تم خلالهما أخذ عينات من بولهم وكذلك الأمر بعد انتهاء التجربة وعلى مدى 14 يوماً من انتهاء البحث. وعند قراءة المعطيات التي حصلوا عليها من فحص البول وجدوا ان هناك زيادة في مركبين كيماويين هما: حامض الهيبوريك وحامض الغليسين، والأول يشكل جزءاً من مركبات الفلافونيدات المشهورة، أما الحامض الثاني فينتمي الى عائلة الأحماض الأمينية، وكان العلماء ربطوا ما بين مستوى حمض الهيبوريك والنشاط المضاد للبكتيريا. ويرى الباحثون ان ارتفاع الحامض بعد شرب البابونج يدل على قدرته في مقاومة الالتهابات. أما في ما يتعلق بحامض الغليسين، فيعتقد العلماء انه مسؤول عن تخفيف الأوجاع الناتجة من التشنج ولهذا من الممكن الاعتماد عليه لتهدئة الأعصاب. ويعتقد الباحثون ان ارتفاع مستوى الغليسين قد يكون له دور في الحد من التشنج وخصوصاً تشنج الرحم ولهذا فلا غرابة أن نجد ان البابونج مفيد في تلطيف حدة الأوجاع المصاحبة للدورة الشهرية. الى ذلك، لاحظ العلماء الانكليز في دراستهم المذكورة ان مستويات حامض الهيبوريك وحامض الغليسين ظلت مرتفعة لدى المشاركين في الدراسة على مدى اسبوعين بعد انتهائها وهذا يعني أن تناول البابونج يؤدي الى فوائد طبية وعلاجية طويلة الأمد نسبياً. ويوصف زهر البابونج حالياً شرباً بحيث يغلى منه غرامان أو أربعة غرامات في مئة غرام من الماء ويتم شرب هذا المغلي للمساعدة على النوم وحض عملية الهضم وفي علاج المغص البطني والإسهال والتهاب المجاري البولية وآلام الدورة الشهرية وفي خفض الحرارة وعلاج القرحة المعدية. أما موضعياً فيستعمل زيت البابونج لتهدئة التهابات الجلد أو لعلاج آلام الروماتيزم أو النقرس. وعلى صعيد التهابات الحلق واللثة أوصت لجنة الخبراء الالمانية التي تعمل على تقويم الأعشاب لمصلحة الحكومة، بمغلي البابونج كغسيل أو كرغوة لأنه يحتوي على زيت طيار مطهر ومضاد للالتهاب، ويوصي الخبراء الألمان باستعمال ملعقتين من أزهار البابونج المغلية في كوب من الماء ويترك المزيج لمدة ربع ساعة ثم يصفى ويستعمل كشراب أو كغسول للفم. أخيراً وليس آخراً، ان فوائد البابونج المتعددة لا تعني انه يمكننا شربه كيفما اتفق. فالإكثار من شرب مغلي البابونج قد يؤدي الى عوارض مزعجة مثل الدوخة وثقل الرأس والصداع والأرق والعصبية والغثيان والتقيؤ و... ربما أشياء أخرى لا تخطر على البال.