مسألة"اجتثاث البعث"من أكثر القضايا التي تثير جدلاً في الوسط السياسي. ويتفق الأكراد والليبراليون على حدوث أخطاء كبيرة في آلية تطبيق الاجتثاث في عهد سلطة الائتلاف الموقتة التي تزعمها الحاكم الأميركي بول بريمر وتسببت في طرد آلاف البعثيين من وظائفهم من دون وثائق تدينهم، فيما تتشدد الاحزاب الشيعية في مطالبتها بتوسيع رقعة الاجتثاث والتمسك بالاشارة إلى ذلك دستورياً. وعلى رغم الأرقام التي تعلنها بعض الأوساط السياسية والتي تشير الى وجود بعثيين سابقين في مناصب قيادية في الحكومة، لا سيما في الوزارات السيادية المهمة مثل الدفاع والداخلية، لكن علي اللامي، عضو هيئة"اجتثاث البعث"قال ل"الحياة"ان عدد البعثيين المشمولين بالاجتثاث"لا يتجاوز 100 ألف عضو قيادي من اصل مليون بعثي في العراق، 80 في المئة منهم كانوا بدرجة عضو فرقة ويحق لهم العودة الى وظائفهم كموظفين عاديين من دون تسلم مناصب قيادية". وأضاف ان"خمسة آلاف بعثي من الذين يشغلون منصب عضو شعبة صعوداً مطلوبون لأسباب تعود الى ارتكابهم جرائم بحق الشعب العراقي بينهم مسؤولون في النظام السابق غادر بعضهم العراق عقب سقوط النظام وانضم آخرون الى الجماعات المسلحة التي تمارس نشاطها داخل البلاد". وزاد اللامي ان"أكثر من 80 في المئة من المشمولين بقرار الاجتثاث معلمون ومدرسون وموظفون في وزارة التربية التي تم اجتثاث 18 ألف بعثي فيها واستثني قرابة 11 الفاً بينهم، من القانون في وقت لاحق". فيما تأتي وزارة الصناعة والمعادن في المرتبة الثانية وتضم 13 ألفاً من المشمولين بقرار الاجتثاث، تليها التعليم العالي والداخلية وتحضى بقية الوزارات بنسب ضئيلة لا تكاد تذكر، ولفت الى ان الهيئة رفعت 50 دعوى أمام المحاكم الجزائية ضد بعثيين مدانين بجرائم. ويعترف اللامي بوجود إقصاء عشوائي للكثير من الابرياء مارسته سلطة الائتلاف ورئيسها بريمر، ما سبب إرباكاً كبيراً لهيئة"اجتثاث البعث". ويقول ان بعض الأحزاب والحركات باتت تتخذ من"قضية الاجتثاث ورقة للضغط السياسي، متهمًا بعض الأطراف ب"التسويق للموضوع". وفيما تتفق الكتلتان الكبيرتان في الجمعية الوطنية الكردية والشيعية على ضرورة تفعيل عمل"هيئة الاجتثاث"وتنفيذه بأسرع وقت ممكن، يختلف الشيعة مع الاكراد حول دور البعث في العملية السياسية، اذ يصر"الائتلاف"على اعتبار حزب البعث"شوفينياً إرهابيا يحظر التعامل معه". فيما يرى الأكراد ان من حق"البعثين غير المجرمين"الانصهار في العملية السياسية، ويقول محمود عثمان النائب في الكتلة الكردية ان دخول البعثيين غير المجرمين في العملية السياسية"يمكن ان يخدم المصلحة الوطنية ويزيل الضغائن والأحقاد بين العراقيين". لكنه يؤكد ضرورة"مقاضاة جميع البعثيين الذين ارتكبوا جرائم او دعموا النظام السابق في جرائمه". وقال ان"إثارة قضية البعث بين الحين والآخر تخضع لاعتبارات سياسية إذ اضطرت حكومة الجعفري الى إقصاء بعض العناصر السابقين وتعيين موالين لها في السلطة لضمان عدم استخدام هؤلاء ضدها". ويتخذ التيار الليبرالي والأحزاب السنية موقفاً متقارباً من القضية ذاتها اذ يعتبرون"البعث فكرا ًمقبولاً يقدم حلولاً موضوعية للحياة السياسية في العراق"ويؤكدون ان"صدام حسين استولى على البعث وسخرة لصالحه"وينظرون الى"قضية اجتثاث البعث انها احالة المجرمين من البعثين الى القضاء من دون اقصاء الآخرين عن مناصبهم ووظائفهم". وتطالب الأحزاب الليبرالية البعثيين الذين يملكون فكراً قومياً صحيحاً الى تصحيح أخطاء المرحلة السابقة. ويرى عبد فيصل السهلاني النائب في الجمعية الوطنية عن كتلة"التحالف الديموقراطي"ان البعثيين اخطأوا بعدم الاعتذار الى الشعب عن ممارسات النظام السابق وكان عليهم اتخاذ موقف واضح من سياسته. وأكد ان الأيديدلوجية التي يتبناها هؤلاء حالت دون انتمائهم الى المد السياسي الطائفي او العرقي لكنه توقع انصهارهم مع العناصر الليبرالية التي انضمت الى البعث في التجربة السياسية مستقبلاً، سيما ان اتحادهم مع القوى الليبرالية والقومية سيفضي الى توازن سياسي مطلوب.