تجري التدريبات العسكرية الروسية - الصينية المشتركة حول فلاديفوستوك وشبه جزيرة شاندونغ في شرق الصين. وتعدّ المناورات المشتركة منعطفاً مهماً في سياسة البلدين، وتتضمّن معاني منها: أوّلاً، تقوم روسياوالصين تدريجاً بتبديد شكوكهما المتبادلة فيما بينهما. فقد أدّت المفاوضات المكثّفة إلى حلّ النزاع حول نحو آلاف الكيلومترات من الأراضي الحدودية بين البلدين. ثانياً، عبر اختيار موقع التدريبات وإصرار البلدين على أنّها لا تستهدف دولة ثالثة، يبدو واضحاً أن المعنى السياسي للتدريبات يتخطّى القيمة السياسية. ثالثاً، فاقم اندلاع حرب باردة جديدة في منطقة آسيا - الهادئ سخونة الحال. فبعد التدريبات العسكرية المنتظمة، اليابانية - الأميركية والأميركية - الكورية الجنوبية، اشتركت الصين في تدريبات لمكافحة الارهاب والانقاذ البحري مع المملكة المتحدة وأندونيسيا وفرنسا. وها هي الآن تفعل ذلك مع روسيا. وتبدو الحرب الباردة الجديدة واضحة تارة، وخفيّة طوراً. فلماذا إذاً اختارت الصينوروسيا خوض هذه الألعاب الحربية التي لا سابق لها في هذا الوقت؟ وما هي نياتهما؟ للوهلة الأولى، تبدو التدريبات شرعية، فهي عبارة عن رغبة البلدين في مكافحة الارهاب، خصوصاً الاصولي في منطقة كسينغيانغ والشرق الاوسط، وفي مقاومة مشتركة للضغط الذي تمارسه الولاياتالمتحدة. فبعد 11 أيلول سبتمبر، ازداد تدخّل الولاياتالمتحدة في الشرق الاوسط، وأدى الى شعور الصينوروسيا، على السواء، بالخوف من استهدافهما عسكرياً. وتبذل روسياوالصين جهوداً مشتركة للتعامل مع الموضوع النووي الكوري. فأي تدهور، أو تراجع على هذه الجبهة سيكون له تأثير سلبي في البلدين. واختيارهما منطقة شاندونغ كموقع للتدريبات العسكرية المشتركة سببه قربها من شبه الجزيرة الكورية، أي انّ كلا البلدين يأخذان في الاعتبار الموقع الاستراتيجي المحتمل لهذه المنطقة. وتأمل موسكو أنّ تشجّع التدريبات العسكرية المشتركة بكين على توقيع اتفاق شراء اسلحة ثقيلة من روسيا. وتريد الصين تحسين العلاقات مع روسيا، آملة في أن توافق موسكو على بيعها أسلحة فعالة ومتطورة، وربّما أسلحة نووية. وترغب الصين في تعزيز علاقاتها بروسيا، لتقوم ثقلاً موازياً بوجه الخطر النفسي الذي يشكّله التحالف الياباني - الأميركي. وما هي تأثيرات التدريبات في أمن منطقة آسيا - الهادئ؟ أصبحت الهيمنة الصينية المتعاظمة خطراً أساسياً على الأمن في منطقة آسيا - الهادئ. فقرار اختيار موقع التدريبات جاء بعد خلاف مع روسيا على رغبة بكين في اجرائها في الجنوب، مقابل تايوان - التي تأمل الصين في السيطرة عليها بالقوة إذا لزم الأمر. فعلى الأقل، تعترف روسيا بحساسية الموقف، ولم تكن ترغب في التصرّف باستفزاز ازاء اختيار مضيق تايوان كپ"هدف استراتيجي مشترك"من اللجنة الاستشارية الامنية اليابانية - الاميركية. كما أنها لا ترغب في زرع قلق لا داعي له في نفوس التايوانيين. عن هانغ ماو- هسيونغ، تايبه تايمز التايوانية 20/8/2005.