رائج ان العيش مع العباقرة أمر شاق، وفي كتاب صدر أخيراً في لندن لجيفري مايرز، أضواء على الحياة الحميمة لتسعة من كبار كتّاب القرن العشرين: تولستوي، جوزيف كونراد، جورج برنارد شو، جيمس جويس، د.ه. لورنس، فيرجينيا وولف، كاترين مانسفيلد، ارنست همنغواي، وسكوت فيتزجيرالد. ولا شك بأن تولستوي هو العبقري الأول في هذه المجموعة، لكنه أيضاً الأكثر تنفيراً. سكّير، مقامر، أرعن في شبابه، اتخذ قراراً اعتبره غاية في الحكمة، وصدّقه كثر عندما قرر الزواج من فتاة في الثامنة عشرة، وهو في الرابعة والثلاثين، تدعى صوفيا بيهرز، بسيطة حدّ السذاجة، سرعان ما تحوّلت الى حمقاء بالغة العناد والمشاكسة. وكانت صوفيا تسخر من هوس زوجها بالحياة الفلاحية وترى في اصراره على الزراعة أمراً سخيفاً، أما هو فطالما اعتبر النساء حمقاوات عموماً، عاطفيات، سريعات الانفعال، بل انتحاريات أحياناً. وعلى رغم براعته في وصف جمال المرأة وصفاتها الانسانية حبراً على ورق، كانت لديه رغبات وحشية في المجال الجنسي جعلته، في أحاديثه الخاصة يصف جسد المرأة بالبشاعة والقذارة! يحمل الكتاب عنوان"الزواج بالعبقرية"ويتضمن تفاصيل دقيقة عن حياة أولئك الكتّاب، صرف مايرز سنوات في جمعها وتنضيدها. فهو يكشف مثلاً ان برنارد شو كان كثير الغزل شفهياً، قليل الفعل عملياً، خاف النساء في سرّه وناصبهن العداء وجاهياً، تزوج شارلوت باين تاونشاند التي كانت تشبه الفطيرة شكلاً ومضموناً وعاشا في سعادة ظاهرية طوال 45 عاماً. أما جوزف كونراد فاقترن بامرأة تدعى جيسي عاملته معاملة الأم، أي انها منحته الحب اللامشروط الذي يتوق اليه كل رجل، لكن عندما رزقت جيسي بطفلهما الأول شعر كونراد انه مهمش واعترته غيرة قاتلة جعلته يفقد صوابه لفترة، حتى انه أمسك بصرّة الطفل وألقى بها من نافذة القطار في فورة من غيرته. الزواج الأكثر سعادة في كتاب مايرز جمع بين جيمس جويس ولورا بارنكل، الفتاة الايرلندية البسيطة التي لم تكن تفهم كتابات زوجها وكانت تنعته هو بالسذاجة! وكان جويس رجلاً بارداً مكبوتاً طالما اعتبر الجنس عمل عنف شيطاني تستحيل مقاومته، ولذا كان في حاجة الى امرأة تحرره من تخيلاته الفاحشة وتروي رغبته بلا قيد أو شرط. أما لورا فاعترفت أخيراً بعبقريته لكنها أصرّت على أن أفكاره الجنسية فاحشة. وبحسب فرويد عانى جويس من مرض شائع لدى الذكر العصري هو فقدانه المقدرة على احترام المرأة التي يشتهيها. من جهته د. ه. لورنس وقع في غرام فريدا فون ريتشهوفن المتحدرة من أسرة اريستوقراطية والتي تميزت بنشاط فكري وذكاء ثقافي مميّز ما جعلها تطلع على أحدث النظريات العلمية والأدبية والفنية في عصرها. مع ذلك كان الزوجان مختلفين في الطبع والمزاج، وكانا يتشاجران علناً في الأمكنة العامة، يصرخان ويتبادلان الشتائم ويشدان شعر بعضهما بعضاً، ما كان يحرج أصدقاءهما. لكن هذا الشرخ بينهما لم يكن سوى علاج نسبة الى لورنس الذي كان يتطلع الى روح التحدي في المرأة، لا الخضوع. ويجمع المرض وشفير الانتحار بين المرأتين الوحيدتين في المجموعة وهما فيرجينيا وولف وكاترين مانسفيلد. كانتا بحاجة الى رعاية طبية، لم تحصل عليها سوى وولف لأن زوجها كان ملماً بواجباته على الطريقة الفيكتورية، مزوداً بروح البذل والتضحية ما ساعده أن يتغلّب على المصاعب التي مرّت بها زوجته. الا ان علاقتهما الحميمة كانت فاشلة. أما جون فيدلتون، زوج مانسفيلد، الذي لم يكن بمستوى ليوناردو وولف، فأظهر ضعفه وخوفه من مرض زوجته فأرسلها الى الجنوب للعلاج وبقي في لندن. أخيراً لا آخراً ارنست همنغواي وسكوت فيتزجيرالد. صديقان متناقضان في كل شيء عدا الادمان على الكحول. كان فيتزجيرالد ضعيف الشخصية، أخلص لزوجته المغرورة زيلدا، واستسلم لسوداويته المستثارة بفعل الكحول. أظهر المرأة في صورة متحررة واستوحى زيلدا في روايته الأخيرة"رقة الليل". في المقابل اشتهر همنغواي بصلفه وكثرة مغامراته. وكان مزواجاً يجبر النساء على الخضوع له بسطوته الجسدية ومهارته اللفظية. ويختم مايرز حكاياته عن حياة أولئك الكتّاب بقوله: ما علينا سوى أن نعترف بأن العلاقات البشرية سرّ من الصعب الكشف عنه.