الصورة الضخمة للرئيس اميل لحود في منطقة البسطة الفوقا الشعبية"اختفت"منذ نحو ثلاثة أسابيع. القاعدة الحديد التي كانت تحمل الصورة لا تزال في مكانها على زاوية مسجد المنطقة، وهو أحد ثلاثة مساجد في بيروت يتولى الخطبة فيها مشايخ من"جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية"الى جانب عشرات المصليات. لا أحد يعرف لماذا أزيلت الصورة، وهي من الصور القليلة للرئيس لحود التي صمدت في بيروت عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط فبراير الماضي، عندما اختفت صور الرئيس اللبناني لتحل محلها صور الرئيس الشهيد ونجله النائب سعد الحريري. الجميع هنا يعرف الشيخ أحمد عبد العال، مسؤول العلاقات العامة في"جمعية المشاريع"، والذي اعتبره تقرير المحقق الالماني ديتليف ميليس"شخصية أساسية في أي تحقيق بسبب علاقاته بشخصيات مهمة لبنانية وسورية"، والذي أجرى، بحسب التحقيق، سلسلة واسعة من الاتصالات الهاتفية قبل تفجير موكب الحريري وبعده بعدد كبير من المسؤولين اللبنانيين والسوريين، على رأسهم الرئيس لحود! عبد العال ولد وعاش في البسطا الفوقا، ذات الغالبية السنية تاريخياً، الى ما قبل حوالي سنة عندما انتقل الى منطقة بشامون الجبلية قرب العاصمة. "طيب"و"خدوم"صفتان تكررتا كثيراً لدى السؤال عن"الشيخ"غير المعمم الذي درس الشريعة لدى"الجمعية"التي تعرف باسم"الأحباش"مريدو الشيخ عبدالله الهرري الحبشي. والصفة الثانية اكتسبها من كونه"خدم كثيرين ممن لهم مشاكل مع الدولة"، بحسب حسين الذي يسكن ويعمل قرب منزل أهل عبدالعال. ويضيف:"الشيخ لا يمكن أن يؤذي نملة"، أما أحواله المادية"ففي غاية السوء اذ انه يشتري معظم حاجاته المنزلية ديناً من محلات المنطقة". ويؤكد الحاج سمير الألطي، وهو صاحب محل لبيع الأدوات الكهربائية، ومن أصدقاء عبدالعال المقربين، ان"الشيخ كان مقصوداً من أبناء المنطقة ممن تعترضهم مشاكل مع القوى الأمنية أو ممن يريدون العثور على فرصة عمل، وكان يساعد قدر استطاعته بحكم عمله مسؤولاً للعلاقات العامة في جمعية المشاريع، اذ ان من مهماته تنسيق العلاقة بين الجمعية والأجهزة الأمنية". ويضيف:"كان يخدم الناس لوجه الله، فيما وضعه المادي في غاية السوء، وهو يحاول منذ سبع سنوات شراء كرسي لولده المقعد من دون أن يتمكن من ذلك". ويبرز الألطي، تصديقاً لكلامه، دفتراً فيه ان له في ذمة عبدالعال 250 دولاراً بقية ثمن طباخ منزلي اشتراه منه قبل ستة شهور. أمام مسجد البسطا الفوقا، كما أمام مسجد برج أبي حيدر غير البعيد، شبان في مجموعات صغيرة، معظمهم يرخي ذقنه، وتتخلل أحاديثهم عبارة"بارك الله فيك"، التي يكثر"المشاريعيون"استخدامها بفصحى لا تخفي لهجتهم البيروتية البسطاوية."منهجنا الاعتدال ونبذ التطرف ونشر الدعوة"يجيب أحمد لدى سؤاله عن أهداف"جمعية المشاريع"التي تمتلك اذاعة"نداء المعرفة"ومجلة"منار الهدى"الشهرية وتدير عدداً من المستوصفات والمراكز الصحية والمدارس، اضافة الى"الجامعة العالمية"غلوبال يونيفرسيتي ومشاريع منتجة مثل سوبرماركت"الديوان". ويتساءل:"لماذا أغفل التحقيق في اغتيال الحريري منذ البداية أسامة بن لادن والارهابيين الذين يبثون الخراب في ديار المسلمين في مصر والعراق والجزائر وغيرها، وركز على سورية التي تبدو اليوم أكبر الخاسرين؟". "الجمعية"التي كان مقرها الرئيس أمس في برج ابي حيدر أشبه بخلية نحل، نفت في بيان"أي علاقة بجريمة اغتيال الحريري"وأكدت ان"السيد أحمد عبدالعال ... بريء من أي مشاركة في الجريمة، بل هو حاول المساهمة، من خلال التعاون مع بعض مؤسسات الدولة والشخصيات المعنية، في كشف بعض المعلومات التي توصل الى كشف الحقيقة".