على رغم مرور أعوام من الفساد والشغب والفوضى والتخبط في الدوري الايطالي الا ان احداث الصيف الجاري من انغماس عدد من الاندية الصاعدة الى الدرجة الاولى في أحداث تحايل وسوء ادارة احوالها المادية وضعت الاتحاد الايطالي لكرة القدم في اصعب موقف لها. فبداية فشل الاتحاد الايطالي في الاعلان عن برنامج مباريات الموسم الجديد لانه ببساطة لم يكن يعرف هوية كل الاندية العشرين المشاركة في"سيريا آه"، فعدد من الاندية الصغيرة والصاعدة حديثاً فشل في تقديم ضمانات عينية على نجاعة وضعه المادي ودفع الضرائب المستحقة عليه، وهو شرط اساسي لمشاركة كل ناد، فيما كانت اندية اخرى تعاني من مشكلات تتعلق بالتحايل وسوء الادارة. من هذه الاندية ثلاثة صاعدة حديثاً، ابرزها العملاق المتهاوي جينوى، صاحب التقليد والعراقة القديمة، فهو اقدم ناد في ايطاليا، إذ تأسس في العام 1893 عن طريق رجل اعمال انكليزي، ويملك قاعدة جماهيرة عريقة ما زالت متماسكة وتفتخر بالبطولات التسع التي حصدها الفريق في بطولة الدوري، على رغم ان آخرها كان قبل اكثر من 80 سنة. وحاله ازدادت سوءاً عندما اشتراه رجل اعمال يدعى اينريكو بيرتسيوزي، واعداً بانتشال الفريق من غياهب الدرجة الثانية واعادته الى طريق امجاده السابقة، ولكن وعوده استقبلت بشكوك كثيرة، خصوصاً ان نادي كومو الذي ملكه سابقاً، اعلن افلاسه بسبب سوء ادارته. لكن بيرتسيوزي فاجأ الجميع بصرف اموال كبيرة على الفريق والتعاقد مع نجوم واعدين، وصنع فريقاً قادراً على المنافسة في"سيريا بي"الموسم الماضي والفوز بمكان في الدرجة الاولى، لكن حتى اليوم الاخير من الموسم الماضي كانت الامور تسير بحسب ما خطط له رجل الاعمال، فكان جينوى يلعب على ارضه في المباراة الاخيرة في الموسم وهو بحاجة الى فوز ضد المتهالك فينيتسيا الذي يحتل المركز قبل الاخير وضمن هبوطه قبلها بأسابيع عدا عن الفساد الذي يعمه وقاد عشرة من لاعبيه الى الاضراب عن اللعب، فالجو كان مهيئاً لفوز سهل لجينوى وضمان التأهل، لكن بيرتسيوزي شعر في لحظة"غبية"انه بحاجة لضمان اكثر من ذلك كي يحقق فريقه الفوز المطلوب، فحمل حقيبة مليئة ب250 الف يورو وقدمها الى رئيس نادي فينيتسيا كرشوة لخسارة المباراة. وبعد التحقيقات ادين بيرتسيوزي بحرمانه خمس سنوات من ممارسة عمله، والأهم هبوط جينوى من"سيريا آه"الى"سيريا سي"الدرجة الثالثة، وتقليص ثلاث نقاط منه. وفي هذه الاثناء عاث جمهور نادي جينوى في المدينة فساداً وتظاهروا في ميناء المدينة الاثري رافضين حرمان فريقهم بسبب اخطاء رجل واحد، وهذا السلوك هو ذاته الذي سلكه جمهور نادي ميسينا الذين حاصروا ميناء المدينة في جزيرة صقلية ومنعوا السياح من القدوم، بعدما اعلن الاتحاد الايطالي هبوط النادي الى"سيريا بي"لفشل ادارة النادي في تقديم الضمانات المادية للموسم الجديد ودفع الضرائب المستحقة عليها في الموعد المحدد لذلك، لكن الدفع جاء متأخراً 24 ساعة من الموعد المحدد، وبعد استئناف القرار وافق الاتحاد الايطالي على اعادة الامور الى نصابها، لكن الادهى ان السبب الذي قاد الى تأخير دفع النادي لمستحقاته بحسب قول رئيس النادي بييترو فرانتسا:"كانت لدينا الاموال في الوقت المحدد لكننا لم ندفع لان هناك اندية اكثر تقصيراً واهمالاً منا". وايضاً في الجنوب، كان يواجه ريجينا اتهامات بان المصرف الذي يضمن مصير النادي في"سيريا آه"مادياً، متورط في فساد وعمليات نصب واحتيال، والاخطر ان هذه الاتهامات ليست موجهة من الاتحاد الايطالي للعبة وانما من فرقة مكافحة الاحتيال والنصب. وفي الشمال، اشهر نادي تورينو، الذي فاز في ملحق التأهل الى الدرجة الاولى، افلاسه، فألغي صعوده الى"سيريا آه"، فصار من المفترض ان يحل محله من يتبعه ترتيباً في الدرجة الثانية، فكان بيروجيا الذي حرم ايضاً من الصعود بسبب انغماسه في الفساد وكذلك حرم ساليرنيتانا، فاضطر الاتحاد الايطالي لكرة القدم الى التعمق في البحث عن فرق في"سيريا بي"تلبي شروط المشاركة في الدرجة الاولى وتخلو من المشكلات المادية والفساد، حتى وصلت الى اسكولي وتريفيزو اللذين باعا افضل نجومهما في نهاية الموسم الماضي لدعم موقفهما المادي، غير مدركين ان فرصة ستتوافر لهما للعب في"سيريا آه"، ما يتطلب الان جهوداً حثيثة وسريعة لبناء فريقين قادرين على الصمود في الدرجة العليا. ووصف رئيس نادي بولونيا جوسيبي غاتزوني فراشكارا الفساد الذي يعم العديد من الاندية الايطالية بانه"تنشط مالي"، موضحاً بقوله:"الهيئات الرياضية والمسؤولون يقفون بشدة ضد تناول المنشطات في كل الرياضات بشكل عام ولكنهم لا يهتمون بعمليات التحايل والنصب في كشوفات الاندية، فاذا لم ادفع الضرائب المستحقة علي فيجب ان اعاقب، واذا تجمعت علي الديون وحرمت اناساً من حقوقها فيجب ان اصنف واعاقب ايضاً".