بعد اسابيع من الممانعة والمعارضة، وافق البيت الابيض على قانون يمنع الموظفين الاميركيين الرسميين من تعذيب إرهابيين مشتبه فيهم في أنحا العالم. وجاء هذا القرار بعد اسبوع من استقبال الأوروبيين البارد وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، جراء مزاعم عن سجون اميركية سرّية بأوروبا. والى إثارتهما أسئلة عن أخلاق الحرب وقيم المجتمع الاميركية، تختبر هاتان المسألتان مزاعم نظامنا القضائي الاقليمية. وهي مزاعم تربط بين تطبيق القوانين الاميركية وبين أقاليم معينة وحدود. وعلى خلاف معظم الاميركيين، انصرفت الحكومة الاميركية الى التفكير العميق في سبل التهرب من القيود القانونية، وفي نقل ممارسات غير شرعية الى"مناطق حرّة". وشأنها في ذلك شأن شركة تسعى الى الاستفادة من قوانين ضريبية متساهلة، أو شركة تلجأ الى توظيف يد عاملة رخيصة ومبرمجي كومبيوتر بالهند. ويعود تحرر الأميركيين من القيود القانونية خارج اراضي الولاياتالمتحدة الى صوغ الآباء المؤسسين الدستور الاميركي بعبارات عامة وفضفاضة. فالدستور لا يحدد من يستفيد من حماية القانون وأين. وفكرة التحرر من قيود القانون، خارج الاراضي الاميركية، مرآة لمفهوم سيادي قديم. فحق تنظيم شؤون إقليم محدد كان صلاحية الدول السيدة الناشئة بأوروبا في القرن السابع عشر. فعلى سبيل المثال، اعترض اميركيُ متهم بارتكاب جريمة باليابان، في 1880، على حكم أصدره ديبلوماسيون اميركيون في حقه، وتمسك بحق المثول أمام لجنة محلفين، على ما ينص البند السادس من الدستور. ولكن المحكمة العليا أعلنت ان هذا البند لا يسري خارج الاراضي الاميركية. وفي 1957، حصل انعطاف في مسار القضاء الاميركي. وأُقر حق المواطنين الاميركيين في احترام حقوقهم كاملة خارج الاراضي الاميركية. ويفسر مفهوم السيادة التقليدي السياسات الاميركية الراهنة. فعلى سبيل المثال، وقّعت الولاياتالمتحدة معاهدة الاممالمتحدة المناهضة للتعذيب. ولكن وزارة العدل الاميركية استندت في تفسيرها قيود هذه المعاهدة الى الدستور الاميركي. فلا تحمي هذه المعاهدة، ولا الدستور الاميركي، حقوق غير الاميركيين خارج الاراضي الاميركية. والعولمة هي في صلب النقاش السياسي لپ"مناطق التعذيب الحرّة"، على ما هو الامر في الاقتصاد. ويسمح نشاط حركة النقل الجوي الهائل، وتوفر وسائل الاتصالات الهاتف والفيديو والبريد الالكتروني والعلاقات الوثيقة بين قوى الامن الاجنبية والاميركية، استجواب معتقلين خطرين في الخارج. وإنشاء سجن اميركي في المكسيك هو مشروع قيد الدرس في ولاية أريزونا. ولا شك في أن ما يُعرف بتعديل ماك كاين من اسم الشيخ الأميركي الجمهوري الذي يناهض التعذيب، وهو أسير سابق بفيتنام يلزم العملاء الاميركيين احترام القوانين الاميركية خارج الولاياتالمتحدة. وتعجز ضوابط الكونغرس ومقترحاته عن تعديل ما يكرسه الدستور، فالحدود الجغرافية هي حدود الحقوق الدستورية الفعلية. فوحدها المحكمة العليا مخولة تعديل"إعلان الحقوق". عن كال روستيالا، لوس أنجليس تايمز الاميركية. 16/12/2005