بعد احتلال العراق وما نتج عنه من اختلال سياسي واقتصادي في المنطقة العربية، ادى الى عملية تزوير وتشويه بحق المناضل العربي، صوّر على انه اما عدو للديموقراطية أو ارهابي، ومن استطاع ان ينفذ من هذه التهم كان يقع في فخ آخر، هو المتاجر بنضاله، عبر تلقيه دعماً مادياً من بعض الأنظمة سميت "كوبونات النفط" العراقية. وبعدما أخذت هذه القضية حيزاً مهماً، ووصفت بفضيحة الكوبونات، ونشرت لوائح بأسماء مثقفين ورجال اعمال عرب واجانب وضعوا في خانة الاتهام، ولوح قادة الاحتلال الأميركي، والحكومة العراقية الموقتة وبعض الحكومات العربية، بمقاضاة الأشخاص والمؤسسات الواردة في لائحة الكبونات الصادرة أصلاً عن الاحتلال الأميركي، ونجد ان الأصوات التي تعالت لملاحقة من ورد اسمه في لوائح الكوبونات قد اختفت. والسبب ليس ما قاله رئيس الحكومة العراقية الموقتة من انه لا يريد الرجوع الى الوراء، بل السبب الحقيقي هو اكتشاف الادارة الأميركية ان 80 في المئة من الجهات المستفيدة من الكوبونات النفطية هي شركات تجارية مسجلة في برنامج "النفط مقابل الغذاء"، بإشراف من الأممالمتحدة، وهذه التقارير نشرت في كثير من الصحف الأميركية والبريطانية. ان هذه القضية ليست سوى فقاقيع اعلامية ساقها الأميركيون للنيل من مصداقية اشخاص يناهضون الاستعمار والبلطجة الأميركية. لكن ما هو مستغرب ومفاجئ ما أوردته بعض الصحف الغربية ومواقع الكترونية عن كوبونات أميركية مالية تدفع لمؤسسات ومثقفين وشخصيات سياسية عربية وأجنبية، لتعميم السياسة الأميركية. وهذا الأمر يعد سابقة خطيرة معادية للديموقراطية التي تتلطى خلفها السياسات العدوانية للادارة الأميركية. ويشير تقرير صادر عن صحيفة أميركية، وفي موقع على الانترنت، الى ان مؤسسة اميركية تدعى المعهد الديموقراطي الأميركي NED تقوم باعطاء هبات مالية باهظة لمؤسسات عربية معنية بحقوق الانسان والمجتمع المدني، ولشخصيات سياسية وثقافية معارضة، تحت عنوان اصبح مشتركاً بين الجميع وهو الديموقراطية وحقوق الانسان ووصف حركات المقاومة بالمنظمات الارهابية. عملياً قدمت NED، خلال التسعينات على الأقل، دعماً لمئات المنظمات غير الحكومية في العالم العربي، على شكل هبات ممولة لمشاريع دعاية وتربية... ووفقاً لجدول الهبات، منذ 1994، يتبين ان معظم هذه الهبات تتعلق بمشاريع صحافة ونشر وأبحاث سياسية واقتصادية وتربية وشباب، وحقوق مرأة وحقوق الانسان، واحزاب سياسية ونقابات. والمنظمات المستفيدة وهي على الشكل التالي: 13 مؤسسة في لبنان وعدد من التيارات السياسية المحظورة في الداخل والخارج، 12 مؤسسة في فلسطين، 7 مؤسسات في الأردن، 9 منظمات في مصر أغلبها معني بحقوق الانسان، 10 منظمات في العراق، وعدد آخر من هذه المؤسسات في الكويت والبحرين واليمن وتونس والجزائر والمغرب. فمن هذه الوقائع والحقائق نجد الرد على كثير من الأسئلة مثل السؤال: لماذا لم يكن هناك أي تحرك من قبل كثير من المؤسسات الأهلية لمناهضة العدوان في فلسطينوالعراق؟ من هذا نجد مبرر عدم تحرك اكثرية المنظمات المعنية بحقوق الانسان تجاه ما يجري في فلسطينوالعراق، خصوصاً فضيحة سجن أبو غريب، ووجود عشرات آلاف المعتقلين العرب في السجون الأميركية والاسرائيلية. ونفهم مطالبة البعض بمراقبة دولية للانتخابات. ونفهم تحاليل وتصريحات بعض الشخصيات السياسية والصحافية عن عدم جدوى المقاومة المسلحة في فلسطينوالعراقولبنان ووصفها بالارهاب. ونفهم مطالبة البعض بالحرية والاستقلال وفصل المسارات. ونسأل صحافتنا الكريمة: هل ستسلط الضوء على هذه الفضيحة كما سوقت لفضائح أخرى من صنع التزوير الأميركي؟ هل ستجرؤ على نشر هذه الوقائع خصوصاً ان قسماً كبيراً من الاعلام العربي، للأسف تموله مباشرة الادارة الأميركية؟ عباس المعلم كاتب لبناني