أعلن النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه رفض حكومته محاكمة أي مسؤول أو مواطن بتهمة التورط في انتهاكات دارفور في خارج البلاد. ووعد بطرح اقتراحات في مجلس الأمن خلال حضوره جلستي المجلس الثلثاء والأربعاء المخصصتين لقضية دارفور والسلام في الجنوب. وفيما تعمقت الخلافات بين ضفتي حلف الأطلسي في شأن مكان محاكمة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور، حذر مبعوث دولي من أن الأزمة في الاقليم تهدد اتفاق السلام في جنوب البلاد. وقال طه خلال زيارته إلى نيالا والفاشر، أكبر مدينتين في دارفور والتي اختتمها أمس، إن حكومته لن تقبل محاكمة أي مسؤول أو مواطن أمام أي أجهزة خارجية، لأن البلاد لها أجهزتها القضائية العادلة. وأكد أن حكومته ملتزمة بانفاذ العدل والتعامل بجدية مع توصيات لجنة وطنية أجرت تحقيقاً في شأن انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور. وتجنب التعليق المباشر على توصية لجنة التحقيق الدولية بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في محكمة الجزاء الدولية في لاهاي. وذكر طه أنه سيحضر مع زعيم"الحركة الشعبية لتحرير السودان"جون قرنق جلستي مجلس الأمن الثلثاء والأربعاء المخصصتين لمناقشة أزمة دارفور وتفويض بعثة من عشرة آلاف جندي لحفظ السلام في جنوب البلاد. وذكرت وكالة"فرانس برس"ان زيارة قرنق لنيويورك ستكون اول مهمة رسمية دولية يقوم بها ممثلاً للسودان منذ توقيع اتفاقات السلام بين الجنوب والشمال في التاسع من كانون الثاني يناير في نيروبي التي وضعت حدا لحرب اهلية استمرت 22 عاما تقريبا. ووعد طه بطرح اقتراحات في مجلس الأمن لتسوية أزمة دارفور، وطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف ايجابي تجاه الأزمة وابعاد التلويح بفرض عقوبات ومقاطعة الخرطوم ومحاصرتها. موضحاً أن السودانيين الذين حققوا السلام في جنوب البلاد بعد عناء ومقاومة أجندة دولية، اكتسبوا خبرة في حل مشكلاتهم. وزاد:"سنحقق السلام في دارفور مهما كلفنا ذلك من تضحيات وصعاب". ودعا النائب الأول للرئيس متمردي دارفور إلى وقف الحرب من أجل مواطني الاقليم وليس من أجل الحكومة، مؤكداً سعي الخرطوم إلى أن تكون جولة المحادثات المقبلة بين الطرفين حاسمة ومفيدة، مشيراً إلى استمرار الاتصالات مع رئيس الاتحاد الافريقي أولوسيغون أوباسانجو في هذا الصدد. وفي السياق ذاته، حذر مبعوث الأممالمتحدة إلى السودان يان برونك من انهيار اتفاق السلام في جنوب البلاد في حال استمرار العنف في دارفور. وأعرب عن اقتناعه بعدم إمكان المحافظة على الاتفاق من دون التوصل إلى حل للأزمة في الاقليم. وأوضح برونك في حديث امام مجلس الامن وزعه مكتبه في الخرطوم امس ان مهمة الاممالمتحدة المقبلة لحفظ السلام في السودان ستواجه صعوبات اذا لم يتم الاسراع في التوصل الى حل للنزاعات المستمرة في غرب البلاد وشرقها. وحض مجلس الامن على الموافقة على طلبه ارسال عشرة آلاف جندي و 755 شرطياً لمراقبة تنفيذ اتفاق السلام في جنوب السودان، واتهم الخرطوم بعدم منع ميليشيات متحالفة معها من مهاجمة القرى في دارفور مما دفع المتمردين الى شن هجمات مضادة، مشيراً الى ان هجمات الميليشيات أوقعت الشهر الماضي مئة شخص في يوم واحد، 80 في المئة منهم نساء واطفال. الى ذلك دعا الاتحاد الاوروبي الى محاكمة مرتكبي جرائم حرب في دارفور امام المحكمة الجنائية الدولية ومقرها في لاهاي ليضع بذلك الكتلة الاوروبية في موقف تصادم مع الولاياتالمتحدة. ودعا بيان صادر عن الرئاسة الدورية للاتحاد في لوكسمبورغ وزعه مكتبه في الخرطوم امس الى وضع حد فوري لافلات المذنبين في دارفور من العقاب، وجدد تأييده الثابت للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ورأى ان يعود الى مجلس الامن لاتخاذ قرار يتعلق بإحالة المسؤولين عن الفظائع المرتكبة في دارفور على المحكمة الدولية تنفيذاً لتوصية اللجنة الدولية التي حققت في الانتهاكات. لكن وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أكدت مجدداً رفض واشنطن محاكمة المتهمين عن انتهاكات دارفور امام المحكمة الجنائية الدولية، وقالت في تصريح وزعته سفارة بلادها في الخرطوم:"نعتقد ان مرتكبي الجرائم في دارفور يجب ان يحاسبوا عليها". واضافت ان مجلس الامن الدولي هو"المنبر الصحيح"لاتخاذ اي قرار في شأن اي محاكمات لجرائم الحرب في دارفور. وتراجعت لندن عن موقفها السابق بمحاكمة المتهمين في دارفور في المحكمة الدولية. وقال وزير الخرجية جاك سترو ان مجلس الامن سيقرر طريقة محاكمة مجرمي الحرب المشتبه بهم في دارفور، ودعا الى التوصل الى اجماع بين الدول الاعضاء في المجلس في شأن ذلك. ورأى ان المحكمة الدولية ليست المكان المناسب لمحاكمة مرتكبي الجرائم في غرب السودان. واعتبر مراقبون موقف لندن محاولة لاسترضاء واشنطن التي يتقاطع موقفها مع شركائها الاوروبيين في مجلس الامن. وفي تقرير ا ف ب نشر الاثنين اوصت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة حول السودان بأن يمثل المسؤولون عن ارتكاب جرائم ضد البشرية في دارفور امام المحكمة الجنائية الدولية، معتبرة ان ذلك سيساهم في ارساء السلام في المنطقة. واكدت صحيفة"الايام"المستقلة أمس السبت ان لجنة التحقيق الدولية تتهم 51 سودانيا ًبينهم 10 مسؤولين في حكومة الخرطوم المركزية و17 مسؤولاً في ولايات دارفور الثلاث و14 عنصراً في ميليشيات الجنجاويد العربية الموالية للحكومة وسبعة متمردين بارتكاب جرائم ضد البشرية. واضافت الصحيفة ان الاتهامات تتعلق بالتحضير او المساعدة على ارتكاب جرائم وحرائق متعمدة واعمال تدمير وقتل وتعذيب ونزوح قصري وعدم منع ارتكاب مثل هذه الجرائم. وفي غضون ذلك رويترز قالت وكالة عاملة في مجال المساعدات الانسانية أمس ان جندياً سودانياً أطلق الرصاص على موظف مساعدات في ولاية غرب كردفان مما يبرز الخطر الذي يواجه الموظفين الذين يحاولون مساعدة 1.8 مليون شردتهم الحرب في اقليم دارفور المجاور في غرب السودان. وقالت وكالة"كير انترناشونال"في بيان ان احدى سياراتها المميزة بوضوح تعرضت لاطلاق النار من دون تحذير صباح الخميس اثناء زيارة مشروع للمياه والصرف الصحي في ولاية غرب كردفان الواقعة على حدود اقليم دارفور المضطرب. وأضاف البيان ان"الرصاصة التي أطلقها جندي سوداني جرحت أحد العاملين في كير وقد تلقى علاجاً وهو في حال جيدة". وأشار الى ان"السلطات العسكرية السودانية اعتذرت لكير في وقت لاحق". وقتل خمسة على الاقل من موظفي المعونة في دارفور منذ نيسان ابريل 2004. ومعروف أن متمردي دارفور الذين حملوا السلاح قبل عامين يعملون في كردفان، وأعلنت حركة تمرد جديدة مسؤوليتها عن هجمات في المنطقة منذ كانون الاول ديسمبر الماضي. وقالت"كير"انها وكالة المعونة الوحيدة العاملة في كردفان. وأضافت:"تراجع كير في الوقت الحالي آثار الحادث على سلامة العاملين في المنطقة وأمنهم حيث قمنا باجلاء موظفينا مرتين خلال الشهور الستة الماضية بسبب نشاط المتمردين بما في ذلك شن هجوم مباشر على مكتب تابع لكير".