عندما دخل المنتخب التونسي غمار بطولة العالم لكرة اليد على أرضه كان الهدف الأساسي من المشاركة الوصول إلى الدور الثاني ثم المنافسة للتأهل للمربع الذهبي إن أمكن. وفعلاً كانت الفرحة عارمة لدى الجمهور الرياضي ولدى اللاعبين والمسؤولين عن المنتخب عندما تأهل للدور الثاني. لكن مع الوقت تنامت طموحات المنتخب وبمرور الزمن وتعاقب المباريات مع الكبار أصبح هذا المنتخب الصغير - بالنسبة إليهم - يرغب في اقتحام باب الكبار ومشاركتهم زعامة كرة اليد العالمية... وشيئاً فشيئاً تنامت الرغبة وزاد الطموح فانتصر المنتخب التونسي على تشيخيا ثم تعادل في آخر لحظة مع سلوفينيا وصيف أوروبا وتفجرت طاقة هذا المنتخب الشاب أمام الدب الروسي وهزمه بجدارة بنتيجة لا جدال فيها 35-24 أي بفارق 14 نقطة. ولادة منتخب كبير من كان يتصور ذلك قبل بداية البطولة؟ لا أحد طبعاً، لقد قدم نجوم تونس: وسام حمام الطائر وميشل مغنم المنسق، والحارس مقياس ولاعب الدائرة عصام تاج والساعد القوي اليساري بوسنينة والجناحان ماضي وذاكر السبوعي آخر مباراة غاية في الروعة والتركيز. قالوا للدب الروسي في هذه المباراة: "نسور قرطاج هنا يدافعون عن راية وطنهم"، وكان أن أحبطوا المحاولات الهجومية للعمالقة الروس أكثر من مترين ومن 100 كلم لعدد منهم وفتحوا الثغرات الكثيرة في دفاعه وأرمقوه بسرعة الهجومات المرتدة، وعموماً شلوا حركة نجومه. أرقام قياسية بهذه المباراة صعد المنتخب التونسي للمربع الذهبي لملاقاة إسبانيا اليوم في مباراة سيكون فيها لتركيز اللاعبين كاملاً العامل الحاسم لنتيجتها إضافة إلى دعم الجمهور، إذ ينتظر أن يتواصل هذا الدعم نحو 14 ألف مشجع في مباراة روسيا. وحسب كل الملاحظين لو واصلت تونس بالنسق ذاته وبالعزيمة ذاتها والأداء البطولي والرجولة على الميدان، ولو حضرت اللياقة البدنية كامل المباراة فإن المنتخب العربي التونسي قادر على تجاوز المنتخب الاسباني. وهكذا ينتقل هذا المنتخب من تحقيقه أمنية شعب إلى تحقيق أمنية الأمة العربية التي تنتظر منه فوزاً بالمركز الأول أو الثاني ليتجاوز المركز الرابع الذي حققه المنتخب المصري سنة 2001. لكن وفي صورة عدم التأهل للنهائي لا ننسى أن المنتخب التونسي حقق في هذه البطولة أرقاماً قياسية لم يحققها منتخب من قبله فهو أول فريق عربي وأفريقي يتزعم مجموعته في الدور الأول وهو أول فريق عربي وآخر فريق يتزعم مجموعته في الدور الثاني وهو أول منتخب في بطولات العالم يصل إلى المربع الذهبي من دون هزيمة، فصربيا انهزمت واسبانياوألمانيا وفرنسا... لكن تونس فازت وتعادلت في مبارياتها... أليس هذا إنجازاً عظيماً؟ كما لا بد من الإشارة إلى أن تونس ضمنت بهذا التأهل مقعدا لها في مونديال 2004 في ألمانيا إذ تتأهل مباشرة المنتخبات التسعة الأوائل في هذه البطولة إلى نهائيات ألمانيا. عموماً، لنبق نعيش الحلم حتى نهاية مباراة نصف النهائي ضد اسبانيا لعله يتحقق، وأعتقد أن مدرب المنتخب التونسي المتميز حسن أفذريتش سيحسب ألف حساب لنجوم اسبانيا الكبار كما فعل نجوم المنتخبات التي لعبت معها تونس، وتبقى الكرة في أيدي نجوم المنتخب، فهل يستطيعون إيقاف القذفات الساحقة لروميرو وأنتيروروس؟ وهل يستطيعون الحد من خطورة لاعبي الدائرة 9 دروس وكاربايا؟ وهل يتمكنون من إيقاف سرعة الجناحين خوان غارسيا وروكوس؟ وهل سيتمكن الهجوم التونسي من مغالطة الحارس العملاق همبرادوس؟ هذه هي الأسئلة التي تنتظر الإجابة عنها اليوم من حالة رادس.