أظهر الجمهور التونسي مرة أخرى مدى وفائه لمنتخباته الوطنية في الالعاب كافة، ولم تشذ بطولة العالم في كرة اليد التي تختتم في السادس من شباط فبراير الجاري عن هذه القاعدة اذ يحتشد أكثر من 12 الف متفرج خلال لقاءات "نسور قرطاجة" على مدرجات ملعب رادس المغلق في مدينة 7 نوفمبر الرياضية التي تبعد سبعة كيلومترات فقط عن وسط العاصمة تونس. وتعتبر النسبة كبيرة في ملاعب كرة اليد ليس على الصعيد العربي فقط بل انها تضاهي النسبة في الملاعب الاوروبية حيث تحظى اللعبة بشعبية كبيرة. وكانت هذه الظاهرة رافقت بطولة كأس الامم الافريقية الاخيرة التي استضافتها تونس قبل عام بالتحديد وأسهمت الاجواء الرائعة في المدرجات إضافة إلى الجهود التي بذلها اللاعبون في الميدان إلى إحراز الدولة المضيفة اللقب للمرة الاولى في تاريخها. ويعتبر الجمهور المحلي بحق اللاعب الثامن في المنتخب وهو لا يهدأ بتشجيع لاعبيه منذ إطلاق الحكم صافرة البداية وحتى نهاية المباراة رافعاً الاعلام الوطنية ومردداً اناشيد حماسية. واجتمعت مقومات النجاح من تنظيم بعيد عن الاخطاء إلى مشاركة أقوى المنتخبات العالمية، والاهم من كل ذلك النتائج الباهرة التي يحققها المنتخب التونسي، وتصدره لمجموعته في الدور الاول امام فرنسا والدنمارك واليونان التي لها باع طويل في اللعبة حتى ان الوحيد الذي لم يخسر اي مباراة حتى الآن. ويعتقد من يجلس على احد مقاعد ملعب رادس الذي يستضيف جميع مباريات تونس، انه داخل ثورة ممزوجة بالموشحات الاندلسية، والإبداعات الرياضية من وسام حمام وزملائه، بحيث تسهم مساحة الملعب الصغيرة قياسا بملاعب كرة القدم باقتراب المشجعين من اللاعبين ومساهمتهم بخلق أجواء رائعة ستبقى في ذاكرة الجماهير الرياضية التونسية إلى الأبد. ويعزو خبير التحكيم الدولي في كرة القدم ناجي الجويني سبب الزحف الجماهيري الى الملاعب إلى كون كرة اليد هي اللعبة الثانية في تونس من حيث الشعبية بعد كرة القدم. وقال الجويني في تصريح لوكالة "فرانس برس:" من الواضح للعيان وجود العائلات التونسية على المدرجات، فيمكنكم رؤية الكهل والشاب والطفل وربة المنزل، وهذا امر صحي للرياضة في أية دولة، وما يسهم بانتقال العائلات لمتابعة المباريات هو تراجع حملات الشتائم بين الجماهير". وعلى عكس المدن التي تشهد ازدحاماً في فترات النهار ويلفها السكون في الليل، تنعم رادس المدينة الخضراء بهدوء الارياف، بيد انها تتحول في أمسيات المباريات التونسية إلى منارة مكتظة بالجماهير التواقة إلى المزيد من الانتصارات على الفرق الاوروبية المحتكرة لألقاب كرة اليد. وتبدو علامات الرضى واضحة عند المنظمين للحشود الجماهيرية المواكبة للبطولة وليس فقط التونسية، وأبرزها الجمهور المتابع للنرويج وكرواتيا والمانيا وفرنسا الذي زحف بكمية هائلة نظراً لقرب المسافة بين تونس والقارة العجوز. وعلى خلاف معظم البطولات المقامة على الملاعب العربية التي تبقى مدرجات ملاعبها شبه خالية، تواجه الجماهير صعوبة بالغة لشراء تذاكر مباريات المنتخب التونسي التي تنفذ بعد ساعات قليلة على طرحها في الاسواق. ويتفق المراقبون على ان نجاح أي بطولة مرتبط بالحضور الجماهيري الكثيف لها وهو ما يحصل الآن، نظراً للحلقات ال"هيتشكوكية" التي يقدمها وسام حمام وعصام تاج ومكرم الميساوي وذاكر السبوعي وهيكل مغنم ورفاقهم. من جهته، أشاد الدكتور حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد بنجاح تونس في تنظيم بطولة العالم التاسعة عشرة للعبة معرباً عن تمنياته للمنتخب التونسي بالتوفيق بعد الأداء المتميز له في البطولة. جاء ذلك خلال حفل افتتاح خاص لبطولة العالم المصغرة لناشئي اللعبة "موندياليتو" التي انطلقت مساء أول من أمس في العاصمة تونس التي تستمر حتى السادس من شباط فبراير الجاري على هامش بطولة الكبار.. ويشارك في البطولة المصغرة منتخبات سويسرا وإيطاليا ومصر وألمانيا وتونس. من ناحية أخرى، وقعت لجنة التأديب في الاتحاد الدولي عقوبة الإيقاف مباراتين وغرامة مالية قدرها 500 فرنك سويسري على ترتيكر استيسلاف ممرن المنتخب التشيخي اثر طرده خلال مباراة الفريق مع تونس.