وافق الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على مشروع قانون جديد لتحرير قطاع الطاقة مما يمهد السبيل امام اصلاح صناعة النفط والغاز في البلاد. وبعد موافقة مجلس الوزراء سيعرض مشروع القانون على البرلمان في آذارمارس المقبل وينتظر إقراره في نيسان أبريل بعدما وافقت غالبية الأحزاب على إجراءات الاصلاح. ويقترح القانون تحويل شركة "سوناطراك" الحكومية إلى كيان تجاري بحت واقامة هيئات منفصلة لتنظيم صناعة الطاقة إضافة إلى تولي مسؤولية منح عقود التنقيب والتطوير، وكلها مهمات تتولاها "سوناطراك" حالياً. وكان المشروع الذي اقترحه وزير النفط شكيب خليل طرح للمرة الأولى في 2001، ثم أعيد تأجيله في 2003 قبل تأجيله بسبب معارضة قوية من الاتحاد العام للعمال الذي تراجع عن اعتراضه أخيراً. خطوة مهمة نحو العولمة ويتوقع المراقبون أن تسلك الجزائر خطوة مهمة في طريق مجاراة العولمة عبر القانون الجديد، فاتحة بذلك المجال أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية الى البلاد. وارتفع انتاج النفط الجزائري العام الماضي الى نحو 1.3 مليون برميل يومياً مقارنة بنحو 750 ألف برميل يومياً نهاية الثمانينات. وتعزى هذه الزيادة الكبيرة الى تعديلات شرعها البرلمان مطلع التسعينات وسمحت بدخول الشركات الأجنبية مجال الاستثمار النفطي. الا أن النقاش الذي بقي مهيمناً منذ تلك الفترة هو حول دور "سوناطراك". اذ نص المشروع الأولي للقانون على خصخصة الشركة، الا أن معارضة نقابات العمال القوية له، وتزامنه مع الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أدى الى تأجيله. وأكد رئيس الاتحاد الوطني للعمال الجزائريين عبدالمجيد سيدي سعيد أنه لن تكون هناك خصخصة لشركة "سوناطراك"، في حين اعتبر رئيس الحكومة أحمد أويحيي أن الهدف من القانون"هو جذب مزيد من الناشطين في مجال البحث والتنقيب وبالتالي مزيد من النفط ومزيد من الغاز ومزيد من الثروات". ويتوقع أن يؤدي القانون الاصلاحي، وهو الأول من نوعه في أي دولة نفطية عربية، الى تسهيل انضمام الجزائر الى منظمة التجارة العالمية وتوقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي واقامة منطقة للتبادل الحر في نهاية العقد الجاري. الطاقة الانتاجية المستقبلية وبحسب تصريحات المسؤولين النفطيين، تخطط الجزائر لانتاج نحو 1.5 مليون برميل يومياً عام 2005، على رغم أن حصتها في منظمة "أوبك" لا تزيد على مليون برميل يومياً. وتمكنت الجزائر، حالها حال بقية الدول الأعضاء في المنظمة، من تفادي هذه المشكلة نتيجة ارتفاع الطلب في السنوات الثلاث الأخيرة. كما ان الجزائر مصممة زيادة طاقتها الانتاجية من النفط الخام الى نحو مليوني برميل يومياً سنة 2010 بناء على مشاريع تطويرية قيد العمل أو مخطط لها. وسيعتمد نجاح الخطة التطويرية على اتخاذ القرار المناسب لمضاعفة الطاقة الانتاجية من حقل حاسي مسعود العملاق الذي ينتج حالياً 350 ألفاً و400 ألف برميل يومياً لكي يصل الى ما بين 700 ألف و750 ألف برميل يومياً في 2010. وسيفتح القانون الجديد المجال، من خلال الاستثمارات الأجنبية ومشاركة الشركات الدولية، لزيادة صادرات الغاز الطبيعي من خلال أنابيب عبر البحر الأبيض المتوسط والغاز المسال عبر محطات التسييل لترتفع من 65 بليون قدم مكعبة سنوياً في 2004 الى 95 بليون قدم مكعب في 2010. وتم العمل بالفعل في مشاريع عدة، منها مع شركتي "بريتش بتروليوم" و"ستاتويل" النروجية لانتاج تسعة بلايين قدم مكعبة سنوياً من الغاز من حقل عين صالح اضافة الى مشروع آخر مع الشركتين نفسيهما لانتاج تسعة بلايين متر مكعب من حقل عين اميناس وانتاج 7.3 بليون متر مكعب من حقل اوهانيت بالتعاون مع شركة "ب تش ب" الأسترالية. وتخطط الجزائر خلال هذا العام الاعلان عن مزادين علنيين للشركات الاجنبية للاستثمار في حقول النفط والغاز، أسوة بالسياسة المتبعة في السنوات السابقة، اضافة الى الاعلان عن مناقصة لبناء أول مصنع لانتاج السوائل النفطية من الغاز الطبيعي, وهو ثاني مشروع من نوعه في الشرق الأوسط، بعد المصنع الذي شيد حالياً في قطر بالتعاون مع شركة "ساسويل" من جنوب افريقيا.