من المقرر أن يناقش المجلس الاقتصادي والاجتماعي يومي 16و17 شباط فبراير الجارى، القضايا والموضوعات التي سيتضمنها الملف الاقتصادي المعروض على القمة العربية فى شهر آذارمارس المقبل . وسوف تتناول هذه المناقشات إنشاء "هيئة استشارية خاصة" لمساعدة الأمانة العامة للجامعة العربية في اتخاذ بعض القرارات ذات الصلة بمستقبل العمل الاقتصادي العربي المشترك. ومن المتوقع أن تضم تلك اللجنة الاتحادات النوعية القطاعية وفعاليات القطاع الخاص وبعض الخبرات الأكاديمية. ولا خلاف على أن قطاع العمل الاقتصادي العربي المشترك عقد أصابه الضمور والجمود خلال ال15 سنة الماضية، فمنذ عقد قمة عمان الاقتصادية عام 1980، التي شهدت وضع خطط طموحة لتنشيط مؤسسات وآليات العمل الاقتصادي العربي المشترك وتطويرها، أصيب هذا القطاع بقدر كبير من الشلل والهزال نتيجة الانقسامات والخلافات التي أعقبت غزو العراق للكويت، وانفراط التحالفات القديمة بين الأقطار العربية، التي ساندت نهوض قطاع العمل الاقتصادي العربي المشترك غداة الفورة النفطية ، وتحديداً منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي. ويكاد لا يذكر أي إنجاز حقيقي في مجال العمل الاقتصادي العربي المشترك، سوى في مجال المشروعات الخدمية الناجحة، خصوصا شبكة الربط الكهربائي بين عدد من بلدان المشرق العربي ، وخطوط أنابيب نقل الغاز. ولعله آن الأوان لتجاوز مدخل تحرير التبادل التجاري، وإقامة المناطق التجارية الحرة، والانطلاق نحو بناء جماعة اقتصادية عربية، من خلال تطوير تكامل الهياكل الإنتاجية وتنسيق القرارات الاستثمارية بين البلدان العربية، وصولاً إلى تنسيق السياسات والتشريعات في المجالات الاقتصادية والمالية والضريبية كافة. والآن وقد دخلت "منطقة التجارة العربية الحرة" حيز التنفيذ منذ مطلع العام الجاري، يجب الانطلاق بمسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك نحو آفاق أوسع، خصوصاً في ظل تحديات العولمة التي تعصف رياحها بالمنطقة العربية، لا سيما منطقة الخليج العربي، وتهدد بفصمها عن مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك. ففي ظل التطورات الاقتصادية العالمية الراهنة، هناك ضرورة للتنسيق القطاعي والتعاون العربي المشترك في قطاعات حيوية هامه تهب عليها رياح العولمة مثل قطاع المال والمصارف، الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، صناعة الدواء، لا سيما مع دخول الاتفاقيات المنبثقة عن "منظمة التجارة العالمية" موضع التنفيذ في هذه المجالات. خلاصة القول هنا، أنه يجب تنشيط قطاع العمل الاقتصادي العربي المشترك وتفعيله من دون إبطاء، باعتبار أن ذلك ضرورة للإحياء والنهوض العربي في ظل تحديات العولمة. فاليوم لم يعد "خمر" بل "أمر" وأي أمر؟! أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة.