ثمة موسم صيد مفتوح والطريدة فيه المسلمون. موسم صيد البط شهران، أو ثلاثة، وكذلك موسم صيد الظباء وغيرها. الا ان موسم صيد المسلمين, خصوصاً اذا كانوا عرباً، مفتوح على مدار السنة. من خليج غوانتانامو الى أفغانستان، مروراً بالعواصم الأوروبية وفلسطينوالعراق، هناك خبر يومي، أو أخبار، عن تعذيب مسلمين أو قتلهم. أنت مسلم، اذاً أنت متهم. مارتن موبانغا، العائد من جحيم 33 شهراً في غوانتانامو، يقاضي الآن حكومته البريطانية بعد ان سلمه عملاء استخبارات بريطانيون الى الأميركيين، وهو دخل السجن لأنه مسلم، وبالتالي متهم، وخرج شاعراً. وتبين ان المطارات البريطانية استخدمت لتسليم المتهمين الى الاستخبارات الأميركية. مسلمون بريطانيون آخرون انتهوا في غوانتانامو، وكانوا بين نحو 660 معتقلاً، لم يحاكم أحد منهم بشيء، ولم يقدم واحد معلومات استخبارات مفيدة. والخارجون مثل البريطاني الآخر معظم بيغ والمصري ? الاسترالي ممدوح حبيب يقولون انهم عذبوا أيضاً. هناك أولاد في غوانتانامو يقيمون في معسكر ايغوانا وتراوح اعمارهم بين 13 و15 عاماً. في فلسطين تُقتل بنت 13 عاماً بتفريغ رصاص مسدس ضابط في جسدها، وعندما يحتج العالم الاسلامي، تُقتل بنات، إحداهن، وعمرها عشر سنوات، داخل مدرستها، وكل يوم قتل حتى ان حصاد اربع سنوات من الانتفاضة يضم نحو 500 ولد وبنت بين الضحايا. ثم نجد من يحتضن آرييل شارون. في العراق، هل القتلى 20 ألفاً، أو مئة ألف؟ كأن رقم العشرين ألفاً مقبول أو بسيط. من رأى من القراء صور ستة أطفال عراقيين يغطي ملابسهم الدم، بعد ان قتل جنود أميركيون على حاجز الأب والأم داخل سيارتهم لأنها لم تتوقف. مهما كتبت سأقصر عن صورة طفلة تنتحب في الطريق، وقد اغتسلت بدم والديها، وهي تصرخ في الجنود: "لماذا اطلقتم النار علينا؟ لسنا مسلحين، كنا في طريقنا الى بيتنا". قيادة التحرير، أو الاحتلال، في الموصل اصدرت بياناً يقول: "قتل مدنيان عراقيان عندما أسرعت سيارة كانا يقودانها الاثنان يقودان السيارة؟ عبر حاجز دورية متعددة الجنسية في شمال العراق... المسؤولون العسكريون يقدمون تعازيهم على هذا الحادث المؤسف". وهكذا فثمن المسلم، والمسلمة، تقديم اعتذار. غير ان التعازي لن تعيد الأبوين الى الحياة, وهناك عشرات ألوف الضحايا في عملية قتل مستمرة. واذا كان القتل لا يكفي فهناك الاهانة، مثل التحرش الجنسي بالمعتقلين في أبو غريب، واعتداء المحققات على معتقلي غوانتانامو كما أظهر تقرير لوزارة الدفاع الأميركية نفسها، وربما زدت قرار الحكومة البريطانية فرض اقامة جبرية على المشتبه بهم. بريطانيا في مقدم الدول الديموقراطية, والقرار يبدو بريئاً إلا انه يعني ان المتهم المسلم، حيث لا توجد أادلة كافية، يُحجز على الشبهة, والى حين توافر أدلة تكفي لمحاكمته. واذا كان بريئاً فحظه قليل لأنه ولد مسلماً، وبالتالي متهماً. أليست اهانة ان ايران تُهدد بسبب برنامجها النووي وتُترك اسرائيل، بل تُهمل كوريا الشمالية؟ الاهانة الأخرى ان العرب والمسلمين أهون على أنفسهم والناس من ان يقفوا وقفة عز تحمي المسلمين, لذلك فالمدافعون عن المسلمين هم الصليب الأحمر الدولي الذي انتقد معاملة السجناء من غوانتانامو الى أبو غريب، والمحكمة العليا الأميركية التي رفضت اعتقال المشتبه بهم اعتقالاً مفتوحاً من دون توجيه تهم اليهم، واللورد ستاين من المحكمة العليا البريطانية الذي كتب رأياً قضائياً اعتبر فيه ان سجن رجال القاعدة المزعومين في غوانتانامو "فشل مريع للعدالة" وان المحاكم العسكرية التي مثلوا أمامها تهريج يخالف القانون بالانكليزية Kangaroo Court. وأزيد البابا في روما الذي دعا في استقبال السفراء المعتمدين لدى الفاتيكان الى استخدام الحجة والحوار وهاجم غطرسة القوة. وهناك الممثلة فانيسا ردغريف وشقيقها كورين اللذان أسسا حزباً سياسياً للتنديد بالانتهاكات التي يمارسها الجنود البريطانيون، وهي انتهاكات جعلت الجاويش البريطاني توماس سايمون يحتج الى رؤسائه على التعذيب، ويقول انه ساعد سجينين عراقيين على اراتداء ثيابهما بعد ان ارغما على مواقف جنسية وهما عاريان. أين المسلمون من كل هذا؟ سمعت رؤساء دول وحكومات يبررون القمع في بلادهم بالقول ان الولاياتالمتحدة اتخذت قرارات لحماية أمن المواطنين ومكافحة الارهاب، وبما ان هذا رأي القادة العرب والمسلمين فإن ادارة بوش اختارت البرتو غونزاليس لمنصب المدعي العام، أي وزير العدل، فأهم صفاته القانونية انه اعتبر ميثاق جنيف لاغياً عفا عليه الزمن، وكتب رأياً قانونياً يبرر تعذيب السجناء من غوانتانامو الى افغانستان، كما انها اختارت مايكل شرتوف وزيراً للأمن الداخلي. وما يذكر الأميركيون عن شرتوف هو انه ضلّل مجلس الشيوخ في شهادة له تعود الى 28 تشرين الثاني نوفمبر 2001 عندما أكد ان لكل معتقل محامياً، وان القوانين والدستور لم ينتهكا، ثم تبين ان وزارة العدل التي كان في حينه نائب وزيرها، اعتقلت نحو 700 مسلم لمخالفات تعود الى مخالفة قوانين الهجرة، وبقي بعضهم في السجون ثلاثة أشهر من دون تهمة أو محام. وليس هذا رأيي وحدي، أو رأي جريدة ليبرالية، وانما هو ايضاً موقف مركز الحقوق الدستورية الأميركي. المجرم الأول والأخير في هذا الوضع هم الارهابيون الذين يدعون الإسلام، والإسلام منهم براء، فيقتلون الأبرياء في الغرب، وعندما يعجزون يقتلون المسلمين في العراق وغيره. هذا الارهاب ترك المسلمين حول العالم في موسم صيد مفتوح عليهم، واعطى أعداءهم فرصة للصيد وعذراً. واذا كان العربي والمسلم منقوص الحقوق في بلده، فلماذا نتوقع ان تكون حقوقه كاملة في بلاد الآخرين. اليوم: انت مسلم، اذاً أنت متهم، وشكراً لأسامة بن لادن والظواهري والزرقاوي وللحكومتين الأميركية والبريطانية، وحكومات العرب والمسلمين, فالكل اجتمع علينا.