قبل تسعة أشهر، دهم جنود أميركيون مقر السياسي العراقي أحمد الجلبي في بغداد وخربوه، في اشارة واضحة الى"الانفصال"بين ادارة الرئيس جورج بوش والرجل الذي ساعد أكثر من أي شخص خارج الحكومة الأميركية على خلق حجج الحرب على العراق. وفي الأسبوع الماضي، عادت عربات"همفي"العسكرية الأميركية الى مقر الجلبي حاملة هذه المرة أحد أهم الديبلوماسيين الأميركيين في العراق: روبرت فورد. وكان هدف زيارة فورد تقويم الخطط المستقبلية للحكومة العراقية المقبلة التي قد يتبوأ الجلبي مركزاً رفيعاً فيها. وبعد ساعتين من النقاش، غادر فورد ومرافقيه مقر الجلبي الذي لم يستطع السيطرة على سروره، فقال مبتسماً:"على الأقل هناك حوار". وعلى رغم أن مسؤولاً أميركياً وصف لقاء فورد مع الجلبي بأنه"روتيني"، الا أنه شكل مؤشراً الى تغير في العلاقة بين الجلبي والحكومة الأميركية التي اتهمته العام الماضي بتسريب معلومات سرية الى الاستخبارات الايرانية. كما أن هذه الزيارة جاءت بعد تبدل الحظوظ السياسية للجلبي ايجاباً، فبعد نجاحه في الانضمام وكتلته السياسية الى قائمة"الائتلاف العراقي الموحد"المدعومة من المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، أعلن ترشيح نفسه الى منصب رئاسة الوزراء. وعلى رغم أن مرشحي"الائتلاف"الرئيسيين، وزير المال عادل عبد المهدي وزعيم حزب"الدعوة"ابراهيم الجعفري هما الأكثر حظاً للفوز بالمنصب، الا أن المنافسة بينهما شديدة، ما يفسح المجال أمام الجلبي لاستغلال الموقف لمصلحته. وحسب نتائج الانتخابات، يبدو أن كتلة الجلبي ستحصل على 13 مقعداً في الجمعية الوطنية الانتقالية، فيما سيفوز الجعفري ب15 وعبد المهدي ب18، وكي يحصل أحدهم على ترشيح"الائتلاف"لمنصب رئيس الوزراء، عليه ضمان تأييد غالبية أعضائه أو 75 مقعداً. وينشغل المرشحان الرئيسيان الآن في ابرام صفقات سياسية مع حلفاء محتملين. لكن الأفق المسدود في هذه الجهود يمنح الجلبي مزيداً من الثقة. فيرى زعيم"المؤتمر الوطني العراقي":"ان الأمر التنافس على رئاسة الوزراء بات بين ثلاثة أشخاص: الجعفري وعادل وأنا". لكن الرأي السائد بين خصوم الجلبي هو أنه على رغم علمه بضعف حظوظه في أن يصبح رئيساً للوزراء، فان ترشحه سيعزز دوره في الحكومة المقبلة. ويؤكد عدنان علي أحد مساعدي الجعفري أنه واجه أخيراً الجلبي وقال له:"هل تعتقد حقاً بأنك ستصبح رئيساً للوزراء؟". ويضيف علي:"انه الجلبي يحاول تعزيز نفوذه". لكن الجلبي لا يبدو متراجعاً عن موقفه. ففي منزله في الأسبوع الماضي، كان منشغلاً بالحديث وشرب الشاي مع مجموعة كبيرة من السياسيين العراقيين، بينهم مرشحون مستقلون يتنافسون على أصواتهم عبد المهدي والجعفري، ثم قال الجلبي بعدها إن"المستقلين يميلون جميعاً باتجاهي"!