اتفق المغرب وفرنسا على توحيد جهود الإنتاج والاستثمار في مجال صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة لمواجهة المنافسة الآسيوية في الأسواق الأوروبية، بعد خصخصة القطاع مطلع العام الجاري تنفيذاً لاتفاقية منظمة التجارة العالمية. وعقد رجال الأعمال في البلدين اجتماعات موسعة على مدى يومين في كل من الدار البيضاء والرباط بحثت خلالها صيغة الشراكة الجديدة لمواجهة المنافسة الآسيوية في مجال صادرات الملابس الجاهزة، التي باتت آفاقها مهددة بدخول مصنوعات عالية الجودة ومعتدلة الأسعار إلى الأسواق الأوروبية التقليدية والتي تفوق قيمتها ال 200 بليون يورو سنوياً. وكان تحرير صادرات الملابس الجاهزة في إطار مفاوضات "الأنسجة المتعددة" اضر بالصناعات الأوروبية والعربية التي خسرت حماية جمركية ظلت تحتمي بها داخل الأسواق التقليدية منذ عام 1974، وباتت مئات الشركات مهددة بالإفلاس وتسريح عشرات آلاف العاملين في منطقتي البحر المتوسط، وهذه اكبر أزمة تواجه الصناعة الأوروبية منذ عام 1929. وقالت مصادر في وزارة الصناعة والتجارة المغربية ل "الحياة" "ان الجانب الفرنسي أبدى رغبة في زيادة استثماراته في المغرب في مجال الملابس والنسيج وقرر نقل بعض وحدات الإنتاج من فرنسا إلى المغرب، للإفادة من اتفاق التبادل التجاري الحر مع الولاياتالمتحدة بهدف تعويض بعض الخسائر المسجلة في الأسواق الأوروبية". وقال رئيس اتحاد صناعات النسيج الفرنسية غيوم ساركوزي "ان على الشركات الفرنسية والمغربية البحث في شراكة جديدة لغزو أسواق جديدة خارج الاتحاد الأوروبي لمواجهة تحديات العولمة، خصوصاً المنافسة الصينية". واعتبر ساركوزي "أن اتفاق التجارة الحرة بين المغرب والولاياتالمتحدة يشكل في الوقت الحاضر بديلاً عن بعض الأسواق التقليدية التي تواجه منافسة غير متكافئة من الصين والهند". واقترح زيادة الاستثمارات الفرنسية في المغرب لإنشاء وحدات إنتاج جديدة تستجيب لمواصفات السوق الأميركية . ولم يستبعد نقل بعض المصانع إلى المغرب إذا واجهت صناعة الملابس الفرنسية وضعاً صعباً. ويسمح اتفاق التبادل التجاري الحر مع الولاياتالمتحدة بتصدير 30 مليون متر مربع من الملابس سنوياً معفاة من الرسوم الجمركية، وهو امتياز تجاري فقدته الصادرات المغربية في الأسواق الأوروبية. من جهته، قال رئيس جمعية صناعة الملابس المغربية "أميت" عبدالعزيز التازي "ان تحرير الأسواق منذ مطلع العام الجاري فتح الباب واسعاً أمام منافسة قوية من المنتجات الصينية والهندية التي تستحوذ على اكثر من ثلاثة أرباع التجارة العالمية للملابس"، داعياً إلى تحالف بين شركات الإنتاج في المنطقة اليورو متوسطية لمواجهة تحديات المنافسة الآسيوية. وتقدر قيمة الإنتاج المغربي من الملابس والمنسوجات لشركات أوروبية، وتلك المصدرة إلى فرنسا وبريطانيا وإسبانيا بنحو 4 بلايين دولار. ويعمل في هذه الصناعات نحو 218 ألف شخص، بينهم 70 في المئة من النساء و تمثل 50 في المئة من مجموع القوى العاملة في الصناعات المحلية . ويراهن المغرب على إنتاج ما قيمته 8 بلايين دولار من الملابس مطلع العام 2010 . واعتبرت المصادر الفرنسية أن الاعتماد على شركائها في جنوب المتوسط، خصوصاً المغرب وتونس، قد يكون الخيار المطلوب لمواجهة هيمنة محتملة للصادرات الآسيوية، على غرار ما حدث في صناعة الإلكترونيات . ولم تكشف المصادر الفرنسية حجم الاستثمار المتوقع في شمال إفريقيا، لكنها أشارت إلى أن الاتجاه يسير نحو ضخ مبالغ إضافية لتوسيع شركات قائمة، وإحداث وحدات جديدة في مجال صناعة الملابس الجاهزة، والاعتماد على الصناعات ذات النوعية العالمية والتي سيتم توجهاً إلى الأسواق الأميركية.