أكد عميد صحيفة"النهار"غسان تويني انه يحتقر الشر لذلك لا يحقد عليه. وقال في كلمة له في دار نقابة الصحافة التي فتحت ابوابها امس، لتقبل التعازي بفقيدها النائب الشهيد جبران تويني، انه لا يطلب الثأر"لان ليست لدى احد منا وسيلة للثأر". وأكد في المقابل ان"اذا كان ما يواجهنا قضية فنحن اهل حوار من دون تحفظ". وتقبل نقيبا الصحافة والمحررين محمد البعلبكي وملحم كرم واعضاء مجلسي النقابتين ونقيب الصحافة السابق زهير عسيران التعازي في دار النقابة، في حضور تويني وابنة الشهيد نايلة تويني. وتقدم المعزين وزير العدل شارل رزق ممثلاً رئيس الجمهورية اميل لحود، ووزير الصحة محمد خليفة ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي القى كلمة قال فيها:"قدر اللبناني في لبنان والزملاء الصحافيين ان يقدموا شهيداً تلو الآخر، وقدر البلد الصمود. فلا خيار آخر لأن هذا الطريق الذي يوصل الى ما يريده الزملاء. فالحرية لا يمكن الحصول عليها بلا ثمن، فالله سبحانه وتعالى يكون الى جانب لبنان والى جانبكم انتم أسود الحرية". واضاف:"عندما كنا اطفالاً في اوائل الخمسينات، كنا نقرأ من ضمن المناهج ومنها الاشعار التي اذكر واحداً منها هذه بعض أبياته:"كسروا الاقلام هل تكسيرها يمنع الأيدي ان تنقش حجراً". فاقطعوا الايادي هل تقطيعها يمنع الاعين ان تنظر شذى، فاطفئوا الاعين هل اطفاؤها يمنع الأنفس ان تصدر جسدا". وحضر معزيا الرؤساء السابقون امين الجميل وحسين الحسيني ورشيد الصلح وسليم الحص وعمر كرامي وحشد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وشخصيات سياسية وروحية وحزبية واعلامية. رثاء البعلبكي ورثى النقيب البعلبكي الشهيد بكلمة قال فيها:"فارقنا جبران تويني زين شباب الصحافة اللبنانية، فارقنا الحبيب، ابن الحبيب، حفيد العظيم في تاريخ صحافة لبنان. في تاريخ النضال الوطني من اجل استقلال لبنان، ليلتحق بقافلة الشهداء الخالدين على سر الدهور. وحين اقف اليوم لأقول كلمتي هذه يغالب الدمع العين لينفجر بعدما جفت في المآقي الدموع، وتغالب الكلمة القلم وقد غاض حزنا كل مداد، في هذه الايام من محنة لبنان ومحنة الانسان في لبنان التي فجعنا نحن فيها باستشهاد جبران بقدر ما شرف هو بهذا الاستشهاد، بعدما باتت الصحافة عندنا نوعا من مصارعة الموت خشية على لبنان الحبيب وطن الحرية والمحبة والرحابة والتسامح والانفتاح، من ان يضمحل معناه او يتفتت مبناه. ولذلك فهي في استشهاد يومي غير منقطع يقبل عليه ارباب هذه المهنة بفرح لا يمكن ان يغمر نفساً لا تحيا حياة الايمان بما هو حق ولا تناضل نضال أولي العزم من كل رسول صاحب قضية". واضاف:"اجل، خسىء كل من يظن ان حلمك ذوى او ان مشعلك انطفأ باستشهادك". وخاطب والده قائلا:"اما انت ايها الحبيب غسان فاسمح لي ان اقول لك باسمي وباسم جميع زملائي وزملاء جبران: ان ايدينا كلنا بيدك، كلا، سننتقم نحن وانت. وسيكون انتقامنا نحن وانت عظيماً مدوياً حين سننتصر معاً في نضالنا ضد كل قوى الشر والطغيان، وفي معركتنا التي هي قدرنا ضد همجية ثقافة القتل. وان ابلغ تسفيه لهذه الثقافة واعظم عقاب لكل ما تنطوي عليه من جبن وصغار وخسة، واعظم عقاب لمن يستمرىء مثل هذا الاجرام الوحشي الذي اودى بحياة جبران، هو اعتصامنا جميعا بوحدة شعبنا ودوره الحضاري على مدى التاريخ. ومهما بلغت شراسة الاجرام في هذه الثقافة فلن يمكنها ان تتغلب ابدا على اصالة شعبنا، لان الكلمة الحرة هي الاقوى، ولان لبنان لن يكون ابداً وقوداً للجحيم مهما استغلقت عليه ابواب الجحيم". وختم:"وبانتصارنا معاً، يا أخي غسان، ستسعد في عليائها روح جبران. ولا اقول لك الا ما قال الله سبحانه لرسوله:"واصبر وما صبرك الا بالله، ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون. ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون". ورثاء كرم والقى النقيب كرم كلمة جاء فيها:" لن ارثيك، يا جبران، رثاء القلب. فأنا قلبي، تعلم انت، فقدته غداة يومك وما ازال اتلمس مكانه بأنامل مرتعشة. ما تصرفت يوما الا من اجل لبنان وفي قلبك بياض من طهر رخام الكنائس وفي صدرك اريحية في النبل والوفاء، ومن المكرمات وجه ولسان مشاهد وحكاية. قيلت فيك اشياء كثيرة، الا ان امورا كثيرة عنك لم يعرفها كثيرون، هي نبلك، اريحيتك، ترفعك، تعاليك على المال وعلى الاغراء. هكذا كنت وهكذا استشهدت وهكذا ستظل نموذجا". تويني: اطلب العودة الى المهنة ورد تويني بكلمة قال فيها:"بين النقيب محمد البعلبكي وبيني رفقة لا اتمنى ان تكون بين اي احد وآخر هي رفقة اعوام السجن والسجن موت يومي. اعيد تلاوة ما تفضل به النقيب البعلبكي من كلام كريم:"ما صبرك الا بالله ولا تحزن علي ان الله مع الذين هم محسنون". من الطبيعي ان يودع الابن والده. ولكن اذا شاء القدر او الزمان، فأنا اعيش مع ذكريات حزينة. واول ما شاهدت الرئيس كرامي تذكر اننا كنا في وداعه. وامس جاءت علياء الصلح من باريس لتقدم تعازيها. ومحمد يعرف ماذا كان بين رياض الصلح وبيننا. في العالم آلة شر، فلنواجه آلة الشر هذه. وامس، بعد تبادل رسائل عبر اصدقاء، تأثرت كثيراً بتلقي اتصال هاتفي من السيد حسن نصر الله الذي بينه وبيني ليس سياسيا بل شهادة، كلانا فقدنا ابناً. لو كان عبدالله سعادة حياً لعاوننا كثيراً، والسيد حسن نصر الله، واستأذنته في اعلان ذلك، يشعر بأنه لولا الاعتبارات الامنية كان عليه ان يكون الى جانبي في تقبل التعازي. ولا أشك لحظة في اخلاص هذه الكلمات وصدقها. مكننا الله من اللقاء والبحث في كيف نحول دون الوقوع في الخطأ". وقال:"انا الآن اب حرم اولاده وأعرف وأحب اولاداً لا حاجة لي في تسميتهم. اولاد كامل ورياض وسليم. هؤلاء ايام الغدر والشر بين أبائهم وبيني ما يجعلني اقول انني استمد قوة، الآن منهم، وانا اعرفهم واحداً واحداً وواحدة واحدة. ويعرف النقيب محمد انه ليس صدفة ان يكون كل غادر اختار ان تكون اكبر مجموعة من الشهداء هي من الصحافيين . نحن جنس خاص من البشر لن نحمل آلة شر. قلت امس في تصريحي عندما شرفني الجنرال ميشال عون بزيارته انه ليس لي الفضل ألا اطلب الثأر. فليست لدي وسيلة للثأر وليس لدى أحد منا وسيلة ثأر. اذا كان الذي يواجهنا هو آلة شر، رقابنا في تصرفه، واذا كان الذي تواجهنا قضية، فنحن اهل حوار من دون تحفظ. انا لا أقبل ان أحقد على شر. انا احتقر الشر ولكن لا احقد عليه. انا اطلب ان اعود الى المهنة، في مجلس نقابة الصحافة مركز شاغر اليوم، بعد استشهاد جبران. انها المرة الاولى يخلف فيها الوالد ولده مثلما عينني رئيس تحرير بعد ستين عاماً". فرد النقيب البعلبكي قائلاً:"هذا شرف للنقابة ومركزك مركز النقيب". وتابع تويني:"والدي كان نقيباً، انا وكامل وجورج نقاش وسعيد اتفقنا الا نكون نقباء. فنحن نعتبر النقابة تطوعاً من احد الذين في استطاعتهم القيام بالمسؤولية الملقاة عليهم. وما دمت يا نقيب حاملاً هذه المسؤولية فنحن معك الى الابد. بعد ذلك، فان المطلب الآن لبناني". اطلب من الجميع"اعلان حال مونوتونيا". وتوقف تويني عند كلام وزير الاعلام السوري امس ان"سبب مقتل جبران تويني هو لربما استدانته من احدهم مبلغ مليوني دولار اميركي لم يفه، لذلك قتلوه". وسأل:"هل هم في ذلك يستصغروننا ويستسخفون بعقولنا؟ فاذا ما افترضنا كلام الوزير المذكور صحيحا فأين سيختفي هذا المبلغ؟". اضاف :"اما بالنسبة الى من قال انه كلما مات كلب في لبنان يجب تأليف لجنة تحقيق دولية، علما انني سائر في الدعوى الى النهاية والملف مع المحامين ومكتب محاماة لبناني، محامو"النهار"يبحثون عن مكتب محاماة اميركي يقيم دعوى في نيويورك على صحيفة ال"صن"لمقاضاتها على ما نشرته". وختم:"نحن في حاجة لان نحمل القلم ونؤلف شجرة زيتون كلنا". الى ذلك دعت لجنة حماية الصحافيين في الاممالمتحدة الى توسيع مهمات لجنة التحقيق في اغتيال رفيق الحريري لتشمل الاغتيالات التي استهدفت صحافيين معارضين لسورية في لبنان. وحث البيان"الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان على العمل من اجل التوصل الى ان يشمل التحقيق الدولي الاعتداءات بالمتفجرات على ثلاثة صحافيين لبنانيين". وطلب رئيس مجلس بلدية بيروت عبدالمنعم العريس، اللجنة المجلسية لتسمية الشوارع الى عقد اجتماع عاجل لاختيار ساحة عامة او شارع في المدينة تمهيدا لاطلاق اسم الشهيد جبران تويني على واحد منهما في اول جلسة يعقدها المجلس البلدي قريبا. وذلك بناء لما صدر عن مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة التمني على مجلس بلدية بيروت، اطلاق اسم النائب جبران تويني على ساحة او شارع باسمه.