استبعد مصدر وزاري بارز ان يوافق رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي الألماني ديتليف ميليس على اختيار مقر قوات الفصل التابعة للأمم المتحدة في مرتفعات الجولان بديلاً من المقر الخاص للجنة التحقيق في المونتيفردي جبل لبنان للاستماع الى افادة الضباط السوريين الستة في جريمة الاغتيال بذريعة انه لا يريد الخضوع للابتزاز الذي يمارسه النظام السوري. ونقل المصدر عن معاون الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية ابراهيم غمباري تأكيده في لقاءاته مع كبار المسؤولين اللبنانيين ان القرار النهائي في تحديد المكان للاستماع الى الضباط السوريين يعود لميليس وان الامر خرج من يد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بمجرد اختياره القاضي الألماني رئيساً للجنة التحقيق الدولية. وأضاف المصدر ان انان تدخل اخيراً من اجل اقناع ميليس بعدم الاستعجال في رفع تقريره الى مجلس الأمن من خلال الامانة العامة للأمم المتحدة الذي كان سيورد فيه صراحة بأنه لم يلمس أي تعاون سوري جدّي حيال طلبه الرسمي الاستماع الى الضباط السوريين. ولفت الى ان ميليس استجاب لطلب أنان بضرورة التريث ريثما يصار الى البحث عن مكان جديد للاستماع الى الضباط السوريين، لكنه يصر على ممارسة صلاحياته بالكامل بما فيها تحديد المكان النهائي لمقابلتهم. ورأى المصدر ان ميليس قد يبدي مرونة في تحديد مكان محايد للاستماع الى الضباط الستة، لكنه لن يوافق قطعاً على ان يكون مقر قوات الفصل المكان البديل. وأوضح المصدر ان المجتمع الدولي يعلق أهمية على المداخلات التي بادرت اليها روسيا وتركيا لدى سورية والتي تصب في خانة التدخل المصري والقطري في السابق بغية اقناع دمشق بضرورة التعاون غير المشروط مع ميليس من أجل تفادي الدخول في اشكالية دولية قد تتطور الى أزمة بين سورية والمجتمع الدولي. وتابع ان ميليس حسم أمره في رفض أي مكان يقع ضمن الجغرافية السورية، مشيراً ايضاً الى ان دمشق وقعت في المحظور الدولي عندما رفضت المونتيفردي بذريعة ان اختيار هذا المكان بالذات يمكن ان يؤدي، انطلاقاً من الكلام الذي قاله وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، الى تهديد الاستقرار العام في لبنان جراء قيام فريق لبناني بالتظاهر تأييداً للاستماع الى الضباط في مقابل مبادرة فريق آخر الى الاحتجاج على الاستفزاز الناجم عن احضارهم الى هذا المكان. وعزا السبب الى ان دمشق أوجدت مشكلة حول المكان الذي كان حدده ميليس لمقابلة الضباط السوريين، وكأنها تريد ان توجه رسالة الى المجتمع الدولي عنوانها انها تعارض التحقيق معهم في لبنان. وتساءل المصدر:"كيف سيكون الوضع اذا ما أراد ميليس محاكمة الضباط الستة في لبنان؟". ورأى ان الموقف السوري المتشدد من الاستماع الى الضباط في لبنان سينسحب على موقف آخر يتعلق بمحاكمتهم فيه، وهذا ما يستدعي التوجه نحو توصية ميليس بتشكيل محكمة دولية خاصة لمحاكمة المتهمين او المشتبه بهم في جريمة اغتيال الحريري، لا سيما وان من يرفض التحقيق في لبنان سيقاوم حتماً اخضاعهم الى المحاكمة في بيروت. واعتبر ان الحل الذي يمكن ان يرضى به ميليس يكمن في اختيار مكان محايد لأن ما يهمه في نهاية المطاف جلاء الحقيقة في جريمة الاغتيال. ونوّه المصدر بموقف رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من انه سيكون افضل للبنان اذا ما حصل التحقيق مع الضباط الستة خارج اراضيه. وقال ان الاخير أبلغ ذلك الى الامانة العامة للأمم المتحدة ولأطراف عرب ودوليين فاعلين اضافة الى ميليس. وأضاف ان السنيورة نجح في تحييد لبنان عن الصراع الدائر حول تحديد المكان، لأن ما يهمه كشف الحقيقة ومبادرة سورية الى التعاون مع لجنة التحقيق، اضافة الى حماية الخاصرة اللبنانية من أي استهداف سوري لها، خصوصاً ان بعض القوات المتحالفة معها تحاول ان تستغل الموقف اللبناني على هذا الصعيد بأن الحكومة وراء اصرار ميليس على موقفه. كما ان السنيورة ? بحسب المصدر ? يتمنى ان يتم توقيف الضباط السوريين او بعضهم في حال الاشتباه بهم، خارج الاراضي اللبنانية بغية تحييدها عن التداعيات السياسية والأمنية المترتبة على عملية التوقيف، مشيراً ايضاً الى رغبة رئيس الحكومة في اسقاط الذرائع التي يلجأ اليها البعض لتفخيخ الوضع الأمني او تحضير الاجواء لأي انتكاسة يمكن ان تستهدفه. وكشف المصدر النقاب ان المجتمع الدولي الذي يراهن على تعاون سوري مع التحقيق، يحاول في المقابل اقناع دمشق بالموافقة على مكان بديل قد يكون احدى العاصمتين السويسرية او النمسوية، الا في حال وافقت دول اخرى على استضافة ميليس وبناء لرغبته لمقابلة الضباط الستة، مؤكداً ان التعاون يفرض عليها الاستجابة لطلبه اذا ما قرر توقيفهم، لأن الرفض سيسمح للمحقق الدولي بمصارحة مجلس الأمن بذلك. وسأل المصدر عن سبب الازدواجية في موقف دمشق التي تؤكد تعاونها مع لجنة التحقيق استجابة للقرار 1636 في الوقت الذي يستمر الاعلام السوري الرسمي في حملته ضد بعض الاطراف السياسيين في لبنان والتي بلغت ذروتها اخيراً بتوجيه تهديدات مباشرة لعدد منهم. ونقل عن اوساط دولية في بيروت استغرابها للتجاوب السوري مع التحقيق من جهة ولاستمرار الاعلام الرسمي في تهديد استقرار لبنان وأمنه، مؤكداً بأن دمشق تبلغت عبر القنوات الديبلوماسية العربية والدولية سيلاً من الاحتجاجات ازاء ما ورد في جريدتي"تشرين"وپ"البعث"سواء لجهة الدعوة المباشرة الى اسقاط حكومة السنيورة أو توجيه تهديدات لأبرز الرموز السياسية اللبنانية!