تحولت جامعات لبنان الخاصة خلال الأسابيع الماضية إلى مرآة تعكس صورة ساحاته"الثورية". ولم تقف الانتخابات الطالبية فيها عند الحدود الأكاديمية، كما العادة، بل استنسخت مشهد الانتخابات النيابية بما فيه من سخونة وشحن طائفي ودعم لملفات كبرى على مستوى الرئاسة ومفاخرة بإنجازات سياسية وتحريرية. وتجلت الصورة الأبرز للفرز في الإشكال الذي وقع في الجامعة اللبنانية - الأميركية حيث فاز تحالف 14 آذار مارس، وتعالت هتافات مؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد مقابل هتافات للرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب وليد جنبلاط. المشهد المذكور لم يكن مألوفاً في السابق، أي قبل انضمام الجامعات الخاصة بطلابها إلى"حركتي"8 و14 آذار. والتحالفات الطالبية المعلنة وغير المعلنة أكسبت الانتخابات الحالية طابعاً فريداً. وانضوى الفرقاء تحت لواءين قويين: الأول يضم قوى 14 آذار أي"تيار المستقبل"و"القوات اللبنانية"و"الحزب التقدمي الاشتراكي"وبعض المنظمات الأخرى مقابل التحالف المركزي المعلن بين"حزب الله"و"حركة أمل"وغير المعلن مع"التيار الوطني الحر"بعد انسحابه من فريق 14 آذار، والذي أسفر عنه تمثيل الحزب والحركة في الجامعة اليسوعية للمرة الأولى. وعلى رغم تأكيد مسؤول التعبئة التربوية في الحزب يوسف مرعي انه"لم يكن عندنا تحالفات في اتجاه واحد، ونسعى إلى أن نكون على اتفاق مع كل القوى السياسية على الساحة"، إلا أن القول إن"التيار فاز في اليسوعية بالتحالف مع تجمع المستقلين المدعوم من الحزب والحركة"يؤكد فرضية التحالف غير المعلن. من جهته، يستنكر مسؤول الطلاب في الحزب التقدمي ريان الأشقر التحالف"الخفي"، مؤكداً"أننا لم نستغربه، لأنه جاء نتيجة لما حصل في الانتخابات النيابية". قد يبدو إدراج الهتافات الطائفية التي أطلقت في"اللبنانية ? الأميركية"ضمن خانة الاستفزازات المتبادلة تافهاً. فالهتافات عبرت بصدق عن كلام الشارع اللبناني المقسوم بين فريقين يتهم كل منهما الآخر باستحضار الوصاية الأميركية مقابل السورية. هذا بالضبط يتجلى في تأكيد مسؤول الطلاب في القوات اللبنانية دانيال سبيرو أن"تحالفنا سياسي مع من بدأنا معهم معركة الاستقلال. وسنكمل معهم لمنع أي طرف داخلي من تحقيق مآربه بإعادة الوصاية السورية إلى لبنان". يستشهد سبيرو ب"أزمة المازوت"التي أثيرت أخيراً، ويعتبر أنها"تهدف إلى ذر الرماد في العيون لتسهيل المشروع السوري". وعلى رغم أن سبيرو لا يستغرب التحالف بين"فريق لا يسعى إلا إلى إعادة سورية إلى لبنان، وفريق آخر لا يهمه سوى الوصول إلى رئاسة الجمهورية"، إلا انه ينتقد"الانسجام السياسي بينهما مع العلم أن التيار الوطني يطالب بتطبيق القرار 1559 الذي يستهدف الحزب وسلاحه". مرعي بدوره كان له اعتراض على ما جرى في"اللبنانية - الأميركية"حيث كان يفترض أن ينضم الحزب إلى تحالف 14 آذار شرط ترك مقعدين شاغرين للحزب السوري القومي الاجتماعي،"إلا أن الاشتراكي أضاف النادي الفلسطيني إلى اللائحة، ففهمنا انه لا يريد التحالف بسبب القومي"، يقول مفسراً تشكيلهم"لائحة ثالثة مع القومي والحركة". ويضيف:"لا افهم كيف أننا وافقنا على وجود القوات ولم يوافقوا على القومي". وحده مسؤول الطلاب في حركة"أمل"فادي عواد يرى أن"التحالف الجامعي لا يعكس الواقع السياسي العام". ويرى مسؤول الطلاب في التيار الوطني جورج سروع أن التحالفات السياسية العامة أثرت سلباً في بعض القوى. من هذا المنطلق،"انخفض عدد عناصر"القوات"في بعض الجامعات بسبب عدم رضى قاعدتهم الشعبية على التحالف مع وليد جنبلاط الاشتراكي". "هجمة"التيار ورئيسه النائب ميشال عون على"الاشتراكي"والعكس صحيح، ليست جديدة. الهجمة انتقلت إلى قلب الجامعات وأثرت في تحالفات الطلاب."الثابتة الوحيدة عندنا هي أننا لا يمكن أن نتحالف مع الاشتراكي لأننا لا نعرف أين موقعه. لا مشكلة في التحالف مع القوات والمستقبل شرط تخليهم عن الاشتراكي"، يقول مفسراً تحالف تياره مع"حزب الله لأنه صادق في التعامل. في السياسة نحن نقول ما هو موقفنا من سلاح المقاومة وهو يقول موقفه من التيار. بقية الأطراف لا نعرف موقفهم. أما أمل، فالتحالف تم بسبب الوضع الجيد بين قاعدتينا الطالبيتين". وعلى طريقة الند للند، انتقد الأشقر شرط التيار للتحالف مع"المستقبل"و"القوات"، رافضاً اتهام جنبلاط بالفساد:"عندما كان الاشتراكي عام 1949 يتحدث عن الإصلاح كان الجنرال عون في المدرسة. وعندما قدم الاشتراكي برنامجاً إصلاحياً عام 1976 كان الجنرال رائداً يأخذ تعليماته منالياس سركيس". وبدوره رد سبيرو على الشرط، منتقداً"تحالف التيار مع أمل التي كانت الراعي الأول للفساد في عهد الوصاية السورية". رحلة الانتخابات حطت في الجامعة الأميركية في بيروت أمس. المعركة كما سابقاتها تمت بين الفريقين الكبيرين، مع إعلان الحزب والحركة انضمامهما إلى لائحة التيار إضافة إلى"حركة الشعب"والقومي وحركة"بلا حدود"اليسارية. يرى مسؤول طلاب القومي حمزة شعيتو ان لحزبه قواسم مشتركة مع من تحالف معهم،"مع الحزب والحركة نتفق على ضرورة الحفاظ على المقاومة، ومع حركة الشعب والتيار نتفق على العلمنة"، مشيراً إلى أن"الخطاب العام في البلد طائفي، على رغم انه يحصل تحت اسم الوحدة الوطنية".