وضع الرئيس الايراني الجديد محمود احمدي نجاد الملف النووي لبلاده في عهدة علي لاريجاني، أحد أبرز المتشددين، مغلقاً بذلك الباب أمام أي تسوية تقضي بتراجع طهران عن طموحاتها في تطوير برنامج ذري مثير للجدل مع الغرب. جاء ذلك بعدما أصدر مرسوماً بتعيين لاريجاني، المستشار المقرب من المرشد علي خامنئي، أميناً عاماً للمجلس الأعلى للأمن القومي، خلفاً لحسن روحاني الذي تميز بالبراغماتية والليونة خلال التفاوض مع الأوروبيين والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وجاء في مقتطفات من مرسوم التعيين نشرتها الصحف أمس، مخاطبة أحمدي نجاد لاريجاني قائلاً:"نظراً الى ما أبديت من التزام، ولما لك من باع علمية وفي ضوء القيم التي حرصت عليها في كل المناصب التي توليتها، ولعملك منذ سنوات في المجلس الأعلى أعينك أميناً عاماً للمجلس، وأتوقع منك لما تتمتع به من تنظيم وتجديد، واعتماداً على قوة الإيمان والكفاءة، أن تعطي زخماً للمجلس وتتخذ القرارات الصائبة التي تضمن مصالح الأمة وحقوقها للدفاع عن الثورة الإسلامية ووحدة البلاد وسلامتها". ومعلوم ان لاريجاني واجه انتقادات من الاصلاحيين خلال توليه رئاسة الإذاعة والتلفزيون، بسبب فرضه رقابة على آرائهم، وعرضه برامج دينية في شكل مكثف. وهو سليل أسرة ذات نفوذ، ترشح الى الرئاسة عن التيار المحافظ في حزيران يونيو الماضي، ولم يحالفه الحظ. في الوقت ذاته، اختار أحمدي نجاد اثنين من المحافظين مستشارين له: الأول حجة الإسلام حيدر مصلحي عيّن مستشاراً للشؤون الدينية الذي كان ممثل خامنئي لدى ميليشيا"الباسيج". أما الثاني فهو مجتبى سمارة هاشمي عيّن كبيراً لمستشاري الرئاسة، وكان تولى مناصب إدارية في وزارة الخارجية وهيئة الإذاعة والتلفزيون. وفي محاولة لطمأنة الغرب ازاء منحى التشدد في الحكومة الجديدة، قال وزير الخارجية المنتهية ولايته كمال خرازي، إن طهران مستعدة لمواصلة المفاوضات مع الأوروبيين في شأن ملفها النووي"في كل الظروف، إلا إذا أحيل ملفنا على مجلس الأمن بدوافع سياسية، فذلك سيضع أمامنا معوقات للتفاوض". يأتي ذلك بعد تأكيد إيران أنها لن تعود عن قرارها استئناف النشاطات النووية الحساسة، وتحذيرها الاتحاد الأوروبي من أن موقفه في هذا الصدد سيكون حاسماً في شأن مضي الجمهورية الإسلامية في الحوار. في غضون ذلك، بدا ان محاولات الغرب الضغط على طهران من خلال التلويح باحالتها على مجلس الأمن تواجه اعتراضات، إذ أعلنت باكستان أمس، دعمها"حق"إيران في استخدام الطاقة النووية في أغراض سلمية. وفي ثاني رد فعل دولي حذر، بعد الموقف الألماني الذي تميز بمعارضة أي عمل عسكري اميركي ضد ايران، شددت الخارجية الباكستانية على ضرورة تجنب استخدام القوة، مؤكدة:"لا يمكننا تحمل صراع آخر أو حرب أخرى في المنطقة".