يصيبني بعض برامج التلفزيون الاميركية بالدهشة، وأكاد أشمّ فيه نفساً من الرؤية الاميركية للعالم والناس. رؤية تظهر بشدة في السياسة الاميركية حول الكرة الارضية لكنها تتسلل وتنساب داخل بعض هذه البرامج. وأسأل نفسي - أحياناً - بحسن نية مواطن في العالم الثالث: هل يريد"الأميركان"أقصد واضعي السياسة الاميركية أن يغيروا شكل عالمنا؟ فيكون الجواب بالتأكيد: ربما لأن شكل العالم لا يعجبهم. لا يعجبهم ربما لتخلّفه الاقتصادي او الثقافي او السياسي وأشياء أخرى كثيرة يعرفونها عنا وقد لا نعرفها نحن. لماذا هذا الطرح وما هي علاقة برنامج تلفزيوني القصد الاول منه، الى جانب الترفيه والمتعة وشغل الوقت، هو الربح التجاري والمادي بلا شك؟ سأضرب مثلاً هنا ببرنامج يكاد يقول إنه يريد - بل هو بالقطع يفعل هذا - أن يغيّر شكل الانسان الذي خلقه الله عليه. البرنامج اسمه"سوان"أي البجعة. ومعروفة بالطبع حكاية البطة القبيحة التي تحولت في قصة هانز كريستيان اندرسون الى بجعة جميلة. في البرنامج تتحول النساء البدينات مشوهات الاسنان والعيون والشعر والملامح الى ما يشبه نجمات السينما جمالاً ورشاقة وأناقة، ولا بدّ من ان تلفت انتباهنا صرخات الدهشة وآهات الإعجاب وشهقات المفاجأة عندما يزيحون الستار عن مرآة ضخمة ترى فيها ضيفة البرنامج الدميمة - سابقاً - نفسها وكيف صارت بعد سلسلة من جراحات أجريت لها على أيدي أساتذة اختصاصيين في التجميل والتقويم والعلاج النفسي أحياناً! لن نحكي هنا بالطبع عن تكاليف رحلة العلاج في المستشفيات والعيادات المتخصصة والإقامة في فنادق النجوم الخمسة والستة وربما ايضاً السبعة فهذا مفهوم وبديهي. المهم أن البرنامج يحظى بكثافة مشاهدة عالية في عالمنا العربي وهو ما يؤكد نجاحه على مستويات المشاهدة بدرجاتها المختلفة بدءاً من الانسان البسيط ما دام يشاهد الفضائيات، وتدرّجاً حتى أعلى مستويات الثقافة. وبديهي انه لا علاقة بين واضعي برنامج"سوان"لإصلاح عيوب البشر وواضعي برامج السياسة الاميركية لإصلاح عيوب العالم!! لكن يبدو ان هناك تياراً فكرياً واحداً ينظم فكر العالم الحر ورؤيته للدنيا وللبشر والشعوب من حوله. فإذا كانت هذه هي رؤية العالم الحرّ لكل ما يدور حوله، فهو حر!