مر اليوم الثاني على الاجتماع الوزاري السادس لمنظمة التجارة العالمية في هونغ كونغ من دون تقدم يذكر في المفاوضات، ما دفع دول منظمة التجارة إلى التخلي عن الآمال بالتمكن من وضع مسودة اتفاق رئيسة تابعة ل"جولة الدوحة". وسارعت الولاياتالمتحدة إلى دعوة الدول الأعضاء في المنظمة إلى عقد مؤتمر جديد مطلع 2006، بهدف الخروج من المأزق الحالي حول الدعم الزراعي. إذ رأى الممثل التجاري الأميركي روب بورتمان أن"لا يجوز ان نترك هونغ كونغ من دون تحديد موعد آخر في مطلع السنة المقبلة، لعقد مؤتمر جديد من اجل الخروج من المأزق، إفساحاً في المجال أمام المتفاوضين لإنهاء أعمالهم قبل نهاية 2006"، وهي المهلة الأخيرة المعطاة لجولة الدوحة التي أرسيت قبل 4 سنوات. الدول الفقيرة ومع استمرار الخلافات الحادة بشأن المستوى الذي ينبغي الوصول إليه في خفض الدعم الزراعي والتعرفات الجمركية على المنتجات الزراعية في الدول المتقدمة، سعت الاجتماعات إلى تحقيق تقدم في موضوع السماح لمنتجات الدول الأكثر فقراً وهي بحسب الأممالمتحدة نحو 50 دولة، وبحسب منظمة التجارة العالمية 32 دولة يقل الناتج المحلي الإجمالي السنوي للفرد فيها عن 750 دولاراً بدخول الأسواق العالمية معفاة من الجمارك ومن نظام الحصص. لكن حتى هذه المبادرة تعرقلت أمس إذ عبّر المفوض التجاري الأوروبي بيتر ماندلسون أمس عن تخوفه من ان"برنامج مساعدة الدول الأكثر فقراً يمر في مأزق أيضاً"، سائلاً:"إذا لم نتمكن حتى من الاتفاق على هذا الموضوع، ماذا نفعل في هونغ كونغ إذاً". وأشار الديبلوماسيون الأوروبيون بالأصابع إلى الولاياتالمتحدةواليابان، على ضوء رفض الاولى السماح بدخول بعض المنتجات"الحساسة"من الدول النامية معفية كلياً كالنسيج والسكر والقطن كما أعلنت اليابان أنها ستستثني بعض المنتجات المحلية، ولن تفتح سوق الرز. ومن ناحية أخرى، أعلنت متحدثة باسم الحكومة الأميركية أمس ان الولاياتالمتحدة تعتزم مضاعفة المنح التي تقدمها للدول النامية ضمن برنامج منح"المساعدات مقابل التجارة"لدعم صادرات هذه الدول إلى 2.7 بليون دولار سنوياً بحلول 2010، في حين قدمت منحاً قيمتها 1.34 بليون دولار في السنة الجارية. وكانت اليابان تعهدت بمبلغ 10 بلايين دولار والاتحاد الأوروبي بنحو 1.2 بليون دولار سنوياً أول من أمس. وشككت المنظمة الإنسانية العالمية"أوكسفام"في جدية هذه المنح، مشيرة الى ان"معظمها يأتي من موازنات مساعدات قائمة تحرج الدول الفقيرة بدفعها للاختيار بين التجارة وبين الإنفاق على الاحتياجات الأساسية كالدواء والتعليم"، موضحاً انه"يجب ألا ان تحل المنح مكان ضرورة تعديل شروط التجارة لتصبح أكثر عدالة للدول الفقيرة". الدول الأفريقية وأميركا والقطن وأضافت"أوكسفام"ان حزمة التطوير يجب ان تتضمن التسريع في إلغاء الدعم الزراعي الأميركي للقطن، الذي يعتبره المزارعون الأفريقيون"حاجزاً أمام إمكانية المنافسة في الأسواق العالمية". وشدد وزير التجارة المصري رشيد رشيد، متحدثاً باسم الاتحاد الأفريقي، على ان"الدول الأفريقية تطلب إعلاناً رسمياً من الولاياتالمتحدة الأميركية بخصوص القطن"، مشيراً الى ان"الممثل التجاري الأميركي بورتمان تهرب من تحديد تواريخ معينة لإلغاء المساعدات في هذا المجال". وأضاف بحزم ان"الدول الفقيرة تعبت من سعي الدول الغنية إلى إعادة تركيب أفكار بالية كي تدعي أنها تفاوض". وعقّب على كلامه وزير تجارة جزر موريشيوس مادان دولو الذي يتولى التنسيق بين الدول الأفريقية والكاريبية والمحيط الهادئ، قائلاً ان"على الدول الغنية ان تتأكد من ان الدول الفقيرة لن تضطر إلى الانتظار سنوات كي تحصل على المنح بسبب الشروط المعقدة التي ترافقها". وأشارت الدول الأفريقية المنتجة للقطن انها"سترفض أي اتفاق دولي موجه لمساعدة الدول الفقيرة، في حال لم تلغ الولاياتالمتحدة المساعدات لمزارعيها على القطن بشكل أسرع". إذ أكد رئيس اتحاد منتجي القطن الأفريقيين إبراهيم ملوم"إننا لن نشارك في اتفاق جماعي ما دامت مطالبنا لا تؤخذ بالحسبان". وأضاف ديبلوماسي أفريقي ان"القطن الأميركي المدعوم يغرق الأسواق ويخفض الأسعار"وسيؤدي إلى"كارثة اجتماعية في غرب أفريقيا"، موضحاً ان"منتجي القطن الأميركيين حصلوا على مساعدات حكومية بقيمة 4.2 بليون دولار في موسم 2004/2005، ما يشكل أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لدولة مثل بوركينا فاسو". وكانت الولاياتالمتحدة دعت إلى إلغاء كلي لمساعدات التصدير على المنتجات الزراعية كلها عالمياً بحلول 2010، لكن دول أفريقيا الغربية المنتجة للقطن دعت الإدارة الأميركية إلى خفض مساعدات التصدير المخصصة لمزارعيها بدءاً من نهاية السنة الجارية، وخفض الدعم الزراعي المحلي للقطن بحلول 2009، وإلا"قد تختفي هذه الزراعة في أفريقيا". ورد مسؤول أميركي على هذه التعليقات معتبراً ان"التداول في موضوع القطن الأفريقي هو خارج جدول الأعمال لهذا الأسبوع".