عاد السجال بين المحافظين والإصلاحيين في إيران، من خلال انتقاد مبطن وجّهه الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي إلى خلفه المتشدّد محمود احمدي نجاد، ما استدعى تدخل مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي، للدفاع عن الرئيس بعدما لعب الدور الاكبر في ايصاله إلى سدة الرئاسة. وللمرة الثانية، دافع خامنئي عن نجاد علناً أمس، داعياً إلى الكف عن توجيه الانتقادات المتزايدة إليه بعد مئة يوم من توليه مهامه، ومنح الحكومة مهلة لإثبات نفسها والقيام بأعمالها والالتزام بشعاراتها. وقال المرشد الأعلى أمام أئمة طهران:"لا بد من دعم الحكومة". وسبق أن طلب خامنئي في 28 تشرين الأول أكتوبر الماضي من الرأي العام عدم التهجم على الحكومة الجديدة. وفي إشارة غير مباشرة إلى الشخصيات التي ترشحت إلى الانتخابات الرئاسية ولم يحالفها الحظ هاشمي رفسنجاني ومهدي كروبي ومحمد باقر قاليباف، طلب خامنئي من كل القوى ان"تعي حساسية المرحلة والابتعاد عن المشاحنات السياسية". واعتبر أن العودة إلى روحية الثورة يعني"الاهتمام بخلق الأمل والعزم بين الشعب، خصوصاً الشباب، وليس العودة إلى أجواء عدم الانضباط الطبيعية التي رافقت بدايات الثورة"، في انتقاد واضح لبعض التيارات المحافظة التي تشد في هذا الاتجاه. ويأتي موقف خامنئي في وقت تزايد الانتقاد للحكومة والأفكار المتطرفة التي يطرحها الرئيس، والتي أطلقها بداية نواب التيار المحافظ المسيطر على البرلمان، إذ دعا رئيس لجنة الثقافة البرلمانية عماد افروغ إلى إعادة النظر في جهاز المستشارين المحيط به، واعتبر ان بعض هؤلاء لا يتمتع بالدرجة الكافية لتقديم اي استشارة للرئيس، ودعا على توسيع الدائرة بحيث لا تكون مقصورة على جناح أو لون واحد. وترافق هجوم افروغ مع رسالة حررها نواب تكتل النواب الإصلاحيين، الذين يشكلون اقلية في البرلمان، طالبوا فيها بإعادة النظر في أهلية رئيس الجمهورية، ما يعني طلب إقالته من منصبه. إلا أن بعض الموقعين عاد عن موقفه أو حتى نفى علمه بأمر الوثيقة. واتهم النائب المحافظ الياس نديران الرئيس، صراحة، بأنه يولي اهتماماً بعلاقاته الشخصية اكثر مما يوليه للكفاءات الفردية، وانه يختار معاونيه من الحرس الثوري الذي ينتمي اليه ومن بلدية طهران التي كان رئيسها او الجامعة التي كان يدرس فيها. ورد نجاد بالقول انه"لم تتعرض اي حكومة خلال الشهرين الاولين من توليها مهامها الى دعاية سلبية الى هذا الحد على المستويين الداخلي والخارجي". ولوحظ ان ذلك جاء في وقت أحدثت فكرة خفض نسبة فائدة القروض المصرفية والإيداعات صدمة. وأعربت شخصيات رسمية عن قلقها من احتمال فرار الرساميل من البلاد في خطوة غير معهودة منذ الثورة الإسلامية، حتى أن بورصة طهران تشهد تراجعاً متواصلاً. ويترقب منتقدو الرئيس التدابير الأولى التي يتوقع أن يفي بها نجاد لجهة تحسين الحياة اليومية للمعوزين ومنحهم قدراً من الموارد النفطية الهائلة. خاتمي في المقابل، ندد الرئيس الإيراني السابق الإصلاحي محمد خاتمي بالمتطرفين الإيرانيين الذين يسعون إلى"تقليد بن لادن"والذين يقدمون"افضل الذرائع ليتهجم الأعداء على الإسلام وإيران". وقال إن بعض المتطرفين الإيرانيين"يعتقدون أن الوفاء للديموقراطية والحرية والتقدم، ينال من سمعة البلاد الثورية في العالم الإسلامي". وأضاف:"انهم ينافسون طالبان بالدعوة إلى العنف وارتكاب أعمال متطرفة تناقض الدين". لكنه لفت الى وجوب ألا تنسى هذه المجموعات"أنها لن تتمكن أبداً من تبوؤ مكانة بن لادن وطالبان في العالم الإسلامي وسيكونون في مؤخرة قافلة يقودها بن لادن". واعتبر الرئيس خاتمي ان كل ما تفعله هذه المجموعات هو"إعطاء الذرائع ليتهجم الأعداء على الإسلام وإيران". ولم يوضح خاتمي الذي يدعو الى نظرة إسلامية معتدلة منفتحة على العالم، من يقصد بهذه التصريحات. وسبق أن وجه خاتمي في الثلاثين من تشرين الأول أكتوبر الماضي، انتقاداً ضمنياً إلى أحمدي نجاد الذي أثار بدعوته إلى محو إسرائيل من الخريطة استنكاراً عالمياً. وقال خاتمي من دون الإشارة مباشرة الى تصريحات الرئيس محمود أحمدي نجاد:"ليست لدينا نزعة عالمية ولا نهدف إلى تغيير العالم بأسره والعمل على تشكيل حكومات تناسبنا"، وأضاف:"علينا أن لا نتفوه بعبارات قد تخلق لنا مشاكل اقتصادية وسياسية في العالم".