قبيل انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة وزيارة الرئيس العراقي جلال طالباني واشنطن شن السفير الأميركي في بغداد هجوماً عنيفاً على سورية، واتهمها بإقامة معسكرات تدريب ل"المتطرفين السنة"على اراضيها وبدعمهم لرفض مسودة الدستور. ولم يستبعد اي خيار، بما في ذلك الخيار العسكري لاجبارها على التراجع عن موقفها. وقال:"لقد نفد صبرنا مع سورية". لكنه لم يقدم أي دليل على تورطها في دعم المقاتلين العراقيين. وردت دمشق أمس على هجوم مماثل لوزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي الذي كان مسؤولاً بعثياً في عهد النظام السابق، مؤكدة ان هدفه من الهجوم"تهييج الناس"عليها. واستمرت مناقشات"الجمعية الوطنية"البرلمان مسودة الدستور، خصوصاً مطلب السنة إدراج بند ينص على المساواة بين الثروتين المائية والنفطية، وحقهم بالتصرف بالمياه نهر الفرات يمر في مناطقهم. أمنياً، تفقد رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري وحدات الشرطة والجيش التي تخوض معارك في تلعفر، متحدياً المقاتلين والجماعات المسلحة التي رصدت 100 ألف دولار مكافأة لمن يقتله. في واشنطن قال خليل زاد الذي سيرافق طالباني خلال لقاءاته مع المسؤولين الاميركيين وأعضاء الكونغرس، ان الولاياتالمتحدة تعتبر تردد السنة في الموافقة على مسودة الدستور التي ما زالت قيد المناقشة ناتج من تهديدات مقاتلين من المتطرفين يتسللون الى العراق من سورية، حيث يقيمون معسكرات تدريب. وأضاف:"نفد صبرنا مع سورية"، ورداً على سؤال عما اذا كان الخيار العسكري مطروحاً قال:"كل الخيارات مطروحة". لكن اللواء حسين علي كمال، رئيس شعبة استخبارات وزارة الداخلية العراقية قال ل"الحياة"ان بغداد ما زالت تنتظر الرد السوري على طلبات أمنية منها تسليم مطلوبين في مقدمهم محمد يونس الأحمد، الموجود في حلب، وهو من أبرز قيادات النظام السابق. واضاف:"قلنا للسوريين ان أي تقدم أمني مع العراق مرهون برد إيجابي بشأن ضرب قيادات الارهاب أو تسليمهم الينا". من جهة أخرى لفت أبو بكر الساعدي، القيادي في"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"بزعامة عبدالعزيز الحكيم الى ان"مشكلة السوريين هي أنهم ما زالوا يؤمنون بأن مستنقعاً دموياً للاميركيين في العراق فيه مصلحة استراتيجية سورية". وأضاف:"قلنا لدمشق ان هذه النظرية يجب ان تستبدل بنظرية أخرى وهي ان استقرار العراق هو خير كثير لسورية وللمنطقة". في بغداد، خصصت الجمعية الوطنية جلستها أمس لمناقشة مطالب السنة التي طرحوها على الأكراد خلال زيارة وفد برئاسة رئيس"مؤتمر أهل العراق"عدنان الدليمي. وبدت الهوة أكثر اتساعاً بين السنة وكتلة"الائتلاف"الشيعية بعدما طالب الوفد السني باعتماد نص يعطي الأقليم حق التحكم ب"المياه"التي تمر في اراضي الاقليم، ما اعتبره الشيعة بمثابة مقايضة بين النفط والمياه. وقال عضو لجنة صوغ الدستور الرجل الثاني في حزب"الدعوة"جواد المالكي ل"الحياة"ان"السنة يطالبون بتطبيق قوانين الاقليم في ما يتعلق بالنفط والغاز على"المياه"ما يعني انهم يحاولون الضغط علينا لقبول بعض التسويات في توزيع الثروة". ولفت الى ان مطالب السنة في مفاوضاتهم مع الأكراد تمحورت في ثلاث نقاط: باجتثاث البعث، واقتسام المياه واعتماد هيئة لرئاسة الوزراء تضم ثلاثة يملكون الصلاحيات ذاتها، بما فيها حق الفيتو،"ورفض الشيعة ذلك باعتباره يتناقض مع مبدأ الغالبية"وشدد على أن"الائتلاف لن يقبل تسويات أو مساومات في النقاط الثلاث لكنهم لن يعترضوا على تعديل الصياغة في القضايا غير الأساسية". الى ذلك، أكد رئيس"مجلس الحوار"سني عضو الوفد المفاوض مع الأكراد خلف العليان ل"الحياة"ان السنة لم يحققوا"سوى 20 في المئة من مطالبهم خلال محادثاتهم مع الأكراد، وهم محكومون بموافقة"الائتلاف"ووعدونا بطرح مطالبنا عليها في البرلمان". ورأى ان التعديلات في الدستور باتت"مستبعدة ولا يمكن تحقيقها من دون ضغط دولي". وفيما هدأت حدة العمليات العسكرية في تلعفر أمس تفقد الجعفري المدينة من الحدود السورية شمال العراق في زيارة اعتبرت"تحدياً ورداً على التهديدات التي اطلقها بعض الجماعات". وأكدت الحكومة العراقية في بيان"العزم على القضاء التام على معاقل الارهابيين أينما وجدت وبسط الأمن والنظام في مدن العراق وقراه ومواصلة الخطى لانجاح العملية السياسية وبناء العراق الديموقراطي الحر". وكان وزير الداخلية العراقي بيان جبر صولاغ اعتبر ان العملية العسكرية في تلعفر شكلت"صدمة للارهابيين افقدتهم صوابهم وجعلتهم يهددون باستخدام أسلحة كيماوية". وأعلن العميد عبدالعزيز محمد من غرفة عمليات وزارة الدفاع"مقتل 157 ارهابياً خلال الساعات ال24 الماضية واعتقال 291 آخرين والعثور على 24 مخبأ للاسلحة اضافة الى شهيد واحد من الجيش العراقي وستة شهداء من المدنيين العراقيين".