كرر رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون مساء الاربعاء لاءات تتعلق بالقدس، جوهرة التاج الفلسطيني والعربي والاسلامي وبحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم والتعويض عليهم والكتل الاستيطانية اليهودية غير القانونية في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ حرب اسرائيل التوسعية في حزيران يونيو 1967. وهذه لاءات لا يمكن ان يقبل بها الشعب الفلسطيني وقيادته والمجتمع الدولي، ليس فقط لانها تنضح بالعنصرية والاستناد الى غطرسة القوة العسكرية والدعم الاميركي المنحاز 100 في المئة الى اسرائيل على حساب الفلسطينيين والعرب، ولكن خصوصاً لأنها لاءات مرفوضة على أسس قوامها القانون الدولي وقرارات الاممالمتحدة واتفاقيات جنيف المتصلة بمسؤوليات سلطة الاحتلال. من الواضح ان شارون لا يستند في لاءاته الى أسس قانونية مقبولة دولياً او الى قرارات يدعمها المجتمع الدولي، وان لا حماية لهذه اللاءات سوى جبروت القوة العسكرية الاسرائيلية المتفوقة تفوقاً ساحقاً بما تشتمل عليه من بلدوزرات وطائرات ودبابات وغيرها من أدوات السيطرة والتقنيات الفتاكة. وتحت حماية هذا التفوق العسكري الساحق عمدت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة في أعقاب حرب 1967 الى فرض الحقائق على الارض الفلسطينية في شكل مستوطنات يبدأونها صغيرة ثم ينمونها تنمية سرطانية. وفي عهد شارون جاء بناء الجدار الفاصل الاسرائيلي في الضفة الغربية باسم"الأمن"وسيلة أخرى لاقتطاع الاراضي الفلسطينية وضمها الى اسرائيل. وفي ما يتعلق بالقدس، طبق الاسرائيليون اجراءات ضد هوية المدينة الفلسطينية والعربية والاسلامية، فأغلقوا المؤسسات الفلسطينية البارزة مثل"بيت الشرق"، وأخذوا يتجرأون على حرمة الحرم القدسي ويتحدثون عما يسمونه"جبل الهيكل"بل ويدعون السيادة عليه وعلى المدينة بأكملها ويزعمونها عاصمة لاسرائيل. ان القدس بشطريها الشرقي والغربي محتلة في نظر المجتمع الدولي وقرارات الاممالمتحدة، وتعود ملكية الغالبية الساحقة من المباني والممتلكات فيها للفلسطينيين والاوقاف الاسلامية والمسيحية، ولا يجيز القانون الدولي واتفاقيات جنيف احداث اي تغيير في وضعها الجغرافي او الديموغرافي ويحظر نقل مواطني سلطة الاحتلال الى الاراضي المحتلة مثلما يحظر اخراج المواطنين الذين احتلت اراضيهم من اماكن سكنهم واقامتهم. والقدسالشرقية، شأنها شأن بقية الضفة الغربية، وقعت تحت الاحتلال في حرب حزيران 1967 وينطبق عليها ما ينطبق على كل الاراضي العربية التي احتلتها اسرائيل في تلك الحرب، خصوصاً القرار 242 الذي لا يجيز حيازة الاراضي عن طريق الحرب ويطلب"انسحاب القوات المسلحة الاسرائيلية من الاراضي التي احتلتها في الصراع الاخير". اما حق اللاجئين في العودة الى ديارهم والتعويض عليهم فهو حق منصوص عليه في قرار الاممالمتحدة الرقم 194، ويشير اليه بند خاص في القرار 242 ينص على"ضرورة ايجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين"التي أوجدتها العصابات الصهيونية ودولة اسرائيل. ومع ان من الطبيعي ان القرار الذي لا يجيز حيازة الاراضي عن طريق الحرب يحظر ضمناً تغيير وضعها ببناء مستعمرات غير قانونية عليها، فان ثمة قرارات أخرى خاصة تعتبر المستعمرات اليهودية غير قانونية ويجب ازالتها. واما الجدار الفاصل الاسرائيلي، فقد أعلنت محكمة العدل الدولية في لاهاي رأيها الاستشاري بشأنه قبل عام وطلبت من اسرائيل ازالته واعادة الاراضي المصادرة من الفلسطينيين بسببه الى مالكيها وتعويض من تضرروا به. واعتبر ذلك الرأي دول العالم مسؤولة عن العمل لالزام اسرائيل باحترام القانون الدولي الانساني والا اعتبرت شريكة في انتهاك هذا القانون. ان العالم العربي والاسلامي يجب ان يقدم كل مساندة ممكنة الى الشعب الفلسطيني وقيادته في هذه المرحلة الحرجة والخطيرة التي يسعى فيها قادة اسرائيل والحركة الصهيونية الى تجسيد مشروع"اسرائيل الكبرى"على حساب العرب والمسلمين. ولن ينظر احد في العالم نظرة احترام الى عالم عربي اسلامي متفرق لا يحمي حقوقه. ان ما سمي"وعد بوش"لاسرائيل بخصوص الكتل الاستيطانية، وعد لا يعتد به ويضع الولاياتالمتحدة في عداد الدول الاستعمارية التي تتناقض مواقفها مع مبادئ القانون والعدالة.