في مطلع القرن 21، حوّلت الانتخابات المصرية حركة"الأخوان المسلمين"الى"شبح"تلفزيوني، خصوصاً بالنسبة الى الأقنية الفضائية المصرية! وفي عز الكلام العالي اللهجة عن"تجديد"الحزب الوطني الحاكم، وعن"النيولوك"والانتقال بمصر الى العصر، ومقارنتها بالديموقراطيات الراسخة في العالم، حوّلت الأقنية الفضائية المصرية، خصوصاً تلك التي يمتلكها الحزب الحاكم، الأخوان الى اشباح لا تراهم الأعين، على رغم فوزهم بعدد من المقاعد يساوي تقريباً ما ناله الحزب الحاكم رسمياً، اذا استثنينا لعبة"المستقلين". وفيما يتمدد الحضور البصري للحاكمين على مدار ساعات البث، فإن الأخوان لا يحضرون. الأنكى ان الأقنية الفضائية الرسمية، افردت ندوات طويلة للحديث عن الأخوان، حضرها صحافيون متخصصون في الكتابة عن الأخوان، ومفكرون ومؤرخون جعلوا من تلك الجماعة موضعاً لمعرفتهم. واستحضر بعض"التائبين"الذين خرجوا عن ذلك التيار. وأحياناً، ارتدت بعض الندوات التلفزيونية طابعاً"آركيولوجياً"، فباتت تُشبه التنبيش في الآثار. ونُبش تاريخ"التنظيم السري"وكتابات سيد قطب وسيرة حياة حسن البنا وغيرها. وفي المقابل، أصرت الكاميرات على ألا تستضيف احداً من تلك الجماعة! لم يظهر قادتهم، لم تُبث صور نوابهم، على رغم انهم باتوا جزءاً من ممثلي الشعب. أفرطت كاميرات التلفزة في تصوير وجوه تقول ان الحزب الحاكم يدخل مصر في عصر الديموقراطية، لكنها لم تهتم بأن تدخل عدستها الى بيت مواطن مصري صوّت لپ"الأخوان المسلمين". يُشبه ذلك كثيراً الصورة السائدة عن الأشباح: نتحدث عنها ولا نرى صورتها، ونحكي عنها ولا تُحدثنا. يقال ان أسوأ ما قد تتعرض له قضية ما هو ان يستولي عليها اعداؤها ويتولوا صناعة روايتها. وبقول آخر، فإن تياراً سياسياً اساسياً تعرض لعملية"استشباح"بصري. وتولى من يجاهر بالعداء له صنع صورته البصرية. ومن الغريب ان الفضائيات غير المملوكة للدولة المصرية، مثل"دريم"وپ"المحور"وپ"الشاشة"، جارت الفضائية المصرية في هذا"الاستشباح"المتلفز! لكن، ألم ترى أعين المتفرجين تلك"الأشباح"الغائبة عن الكاميرات؟ إذاً، فبأي اعين، وبأي افكار، راقب الجمهور ذلك البث الاستشباحي عن الانتخابات المصرية؟ مجرد سؤال.