احمد طفل في الخامسة من عمره، فجأة وأمام ناظري امه تدفق الدم من انفه، اصيبت الوالدة بالفزع والهلع لكنها لحسن الحظ لم تفقد اعصابها، فحملته فوراً الى اقرب طبيب، وبعدما عاينه بدقة، طلب ان تجرى للطفل بعض التحاليل الدموية، وبالفعل اجريت التحاليل وجاءت النتائج كلها على ما يرام، عندها قال الطبيب للأم ان طفلها لا يعاني أي مرض يسبب الرعاف، وكل ما في الأمر انه يشكو مما يسمى طبياً بپ"الرعاف الفيزيولوجي". والرعاف النزف من الأنف الفيزيولوجي يرى بكثرة عند الأطفال الذين هم في مراحل النمو بين 3 الى 6 سنوات وأحياناً قد يحصل عند اولئك الذين تتأرجح اعمارهم بين 8 و12 سنة عند الفتيات وما بين 15 و18 سنة بين الذكور، اما سبب النزف فيعود الى هشاشة الأوعية الدموية المعروفة باسم"كيسيلباخ"والموجودة في القسم الأمامي من الأنف. والرعاف الفيزيولوجي قد يحصل من دون أي سبب واضح ولكن هناك عوامل تشجع على حدوثه ومنها: - رضوض الأنف. - نكش الأنف او حكه بقوة. - ادخال الأجسام الغريبة في الأنف. - الرشح والتهابات الأنف. - جفاف الغشاء المخاطي للأنف. - انحراف حجاب الأنف. - ضربة الشمس. غير ان الرعاف قد يحصل عقب الإصابة بمرض ما مثل الحصبة او الحمى القرمزية او التيفوئيد او التهابات الأنف الميكروبية او التحسسية. ايضاً فكل الأمراض التي تسبب اضطراباً في تخثر الدم يمكن ان تكون الشرارة التي تقف وراء حدوث الرعاف. وقد يكون نزف الأنف العلامة الأولى للإصابة بانحلال الدم او الإصابة بمرض تشمع الكبد او بمرض ارتفاع ضغط الدم. والرعاف وارد الحدوث عند المرضى الذين يتناولون عقاقير مسيلة للدم، اذ ان رؤية الدم هنا يخرج من الأنف تدل الى ان المصاب تجاوز خط الجرعة المسموح بها، كما ان الرعاف يثار عقب تناول بعض الأدوية كالأسبرين مثلاً. ويمكن الصدمات والرضوض البعيدة من الأنف ان تقود الى الرعاف فتعرض الطفل لضربة قوية على الرأس تؤدي الى حصول نزف دموي يتسلل من موقع الضربة الى دهاليز الأنف ومنها الى الخارج. يأتي الآن طرح السؤال المهم جداً وهو: كيف نتصرف مع الرعاف؟ يجب التصرف مع الرعاف بسرعة وروية وبأعصاب قوية لأن له اثراً سيئاً في المصاب والمحيطين به. ولحسن الحظ، فإن غالبية حالات الرعاف سليمة ويمكن علاجها بنجاح بعملية ضغط بسيطة على فتحتي الأنف ويجب ان يستمر الضغط لمدة عشر دقائق مع الانتباه الى نقطة مهمة للغاية وهي ضرورة حني رأس المريض نحو الأمام وليس للخلف، لأن حني الرأس للوراء هو اسلوب خاطئ وعواقبه خطيرة للغاية، فالدم في هذه الحال قد ينساب الى الحلق ومنه الى المعدة من دون مشكلة فيظن المصاب ومن حوله ان الرعاف توقف، ولكن في الواقع قد يكون غير ذلك فيتواصل النزف الأمر الذي يعرض المصاب الى فقدان كمية كبيرة من الدم يمكن ان تجعل حياته في خطر. وإذا لم يتم توقف النزف من الأنف بالضغط فلا مناص من دكه الأنف بشاشة مبللة بالماء الأوكسجين او بمحلول"الجينات الكلس"ويجب الحذر من استخدام القطن لأنه يمتص كميات من الدم عدا عن انه يلتصق بخثرة الدم في شكل قوي جداً، وعند ازالته القطن يجر معه الخثرة المتكونة، الأمر الذي يقود الى حدوث النزف مجدداً. وبعد السيطرة على النزف يجب التقيد ب: * ان يبقى ساكناً لبعض الوقت. * ان يتحاشى التمارين المجهدة اياماً عدة. * ان يتفادى المصاب نكش انفه وإذا كانت اظافره طويلة فيجب قصها. وفي حال فشل عملية دك الأنف في ايقاف الرعاف، عندها لا بد من نقل الطفل الى اقرب طبيب او مركز اسعافي، وفي كل الأحوال هناك اربع لاءات يجب التقيد بها عند الرعاف. - لا للهلع، صحيح ان نزف الأنف قد يكون عنيفاً ومثيراً لكنه نادراً ما يكون خطراً. - لا لدفش الرأس الى الخلف لأن النزف قد يستمر في الخفية من دون علم ولا خبر، وقد ينزلق هذا النزف في الرئتين مسبباً الاختناق. - لا للتمخيط خلال الساعات الأربع التي تلي توقف نزف الأنف. - لا لتناول الأسبرين لأنه يميع الدم ويحول دون تشكل الخثرات لسد مكان النزف.