تشهد السوق المصرفية في مصر نمواً ملحوظاً في الطلب على الدولار في الفترة الأخيرة، بسبب تزايد مظاهر النشاط الاقتصادي، التي انعكست طلباً على النقد الأجنبي لكبريات الشركات المحلية، التي يمتد نشاطها إلى المجال الإقليمي. لكن ما يميز نمو الطلب على الدولار في هذه الفترة، هي حال الوفرة المقابلة في العرض سواء داخل السوق المحلية، أو أحياناً باللجوء إلى التمويل من طريق الاستدانة من الخارج عبر مصارف تجارية تزايدت عوامل الثقة لديها في إقراض تلك الشركات. وعلى رغم أن مستوى النمو في معدلات منح الائتمان بالنقد الأجنبي لدى المصارف المصرية لم يشهد حتى تموز يوليو الماضي تطوراً لافتاً، طبقاً لإحصاء البنك المركزي المصري، إلا أن معدلات النمو التي شهدتها الأشهر الثلاثة الأخيرة، تشير إلى احتمال حدوث تطور غير مسبوق في مستوى نمو هذه المعدلات، بعد تزايد إقبال شركات المقاولات والإنشاءات على تنفيذ مشاريع في الخارج، تقودها شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة OCI، والمقاولون العرب، ومينا للاستثمار العقاري، حيث تتجه أعمال الأولى والثانية إلى أسواق الخليج، بينما تتواجد بعض المشاريع لها في الجزائر ودول المغرب العربي، فيما تتجه أعمال الأخيرة إلى السوقين اللبنانية والإماراتية، وأخيراً إلى السوق السودانية. بدوره، أقر الرئيس التنفيذي لبنك المؤسسة العربية المصرفية"إيه بي سي"في مصر طارق حلمي، بوجود ذلك التوجه إلى ائتمان النقد الأجنبي من قطاع الإنشاء والمقاولات تحديداً، بسبب الفورة النسبية التي يشهدها في نشاطه الإقليمي، متوقعاً أن يزداد الطلب على النقد الأجنبي في الفترة المقبلة، مع تزايد النشاط المتوقع في القطاع والقطاعات المرتبطة به، لافتاً إلى أن السوق المصرفية ستظل على تحفظها تجاه منح الائتمان بالعملات الاجنبية باستثناء العملاء، أصحاب الموارد بالنقد الأجنبي نفسه، لتلافي ما حدث خلال التسعينات من نمو مماثل في الاقتراض بالنقد الأجنبي لمشاريع لا تدر عائداً بالعملة ذاتها، ما تسبب في صعوبات بالسداد وتفاقم أزمة التعثر المصرفي. وحول احتمالات تأثير نمو الطلب في النقد الأجنبي، في ما يتعلق باستقرار سوق الصرف، أشار المدير العام السابق في بنك مصر الدولي أحمد عبد الوهاب، إلى أن الوفر الحالي في عروض الدولار والعملات الاجنبية في السوق المصرفية، يلبي الطلب في الآجال القصيرة والمتوسطة، مدعوماً من نظام الانتربنك بين المصارف المحلية، الذي يسمح في حالات اشتداد الطلب، باستعانة المصرف الذي يواجهها بأرصدة الفائض لدى المصارف الأخرى. وأشار إلى أن ما تحقق من فائض في ميزان المدفوعات 4.5 بليون جنيه بسبب نمو عائدات قطاع الخدمات بالنقد الأجنبي، سيساعد على مواجهة ذلك الطلب من موارد حقيقية، تشهد بدورها نمواً يقلل من تهديدات هذا الوضع للاستقرار النقدي الراهن.